كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 6)

قَوْلُهُ قَالَ نَعَمْ فَحَمَلَنَا وَتَرَكَكَ ظَاهِرُهُ أَنَّ الْقَائِلَ فَحَمَلَنَا هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ وَأَن الْمَتْرُوك هُوَ بن الزُّبَيْرِ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ أَبِي أُسَامَةَ وبن عُلَيَّةَ كِلَاهُمَا عَنْ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مَقْلُوبًا وَلَفْظُهُ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ لِابْنِ الزُّبَيْرِ جَعَلَ الْمُسْتَفْهِمَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ وَالْقَائِلَ فَحَمَلَنَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ وَالَّذِي فِي الْبُخَارِيِّ أَصَحُّ وَيُؤَيِّدُهُ مَا تقدم فِي الْحَج عَن بن عَبَّاسٍ قَالَ لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ اسْتَقْبَلَتْهُ أُغَيْلِمَةٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَحَمَلَ وَاحِدًا بَيْنَ يَدَيْهِ وَآخر خَلفه فَإِن بن جَعْفَر من بني عبد الْمطلب بِخِلَاف بن الزُّبَيْرِ وَإِنْ كَانَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ جَدَّ أَبِيهِ لَكِنَّهُ جَدُّهُ لِأُمِّهِ وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ خَالِدِ بْنِ سَارَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَمَلَهُ خَلْفَهُ وَحَمَلَ قُثَمَ بْنَ عَبَّاسٍ بَين يَدَيْهِ وَقد حكى بن التِّينِ عَنِ الدَّاوُدِيِّ أَنَّهُ قَالَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ حِفْظُ الْيَتِيمِ يُشِيرُ إِلَى أَنَّ جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ كَانَ مَاتَ فَعَطَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى وَلَدِهِ عَبْدِ اللَّهِ فَحَمَلَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُوَ كَمَا قَالَ وَأغْرب بن التِّينِ فَقَالَ إِنَّ فِي الْحَدِيثِ النَّصَّ بِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حمل بن عَبَّاس وبن الزبير وَلم يحمل بن جَعْفَرٍ قَالَ وَلَعَلَّ الدَّاوُدِيَّ ظَنَّ أَنَّ قَوْلَهُ فحملنا وتركك من كَلَام بن جَعْفَرٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَذَا قَالَ وَالَّذِي قَالَهُ الدَّاوُدِيُّ هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ سِيَاقِ الْبُخَارِيِّ فَمَا أَدْرِي كَيفَ قَالَ بن التِّينِ إِنَّهُ نَصٌّ فِي خِلَافِهِ وَقَدْ نَبَّهَ عِيَاضٌ عَلَى أَنَّ الَّذِي وَقَعَ فِي الْبُخَارِيِّ هُوَ الصَّوَابُ قَالَ وَتَأْوِيلُ رِوَايَةِ مُسْلِمٍ أَنْ يُجْعَلَ الضَّمِيرُ فِي حَمَلَنَا لِابْنِ جَعْفَرٍ فَيَكُونُ الْمَتْرُوك بن الزُّبَيْرِ قَالَ وَوَقَعَ عَلَى الصَّوَابِ أَيْضًا عِنْدَ بن أبي شيبَة وبن أَبِي خَيْثَمَةَ وَغَيْرِهِمَا قُلْتُ وَقَدْ رَوَى أَحْمَدُ الحَدِيث عَن بن عُلَيَّةَ فَبَيَّنَ سَبَبَ الْوَهْمِ وَلَفْظُهُ مِثْلُ مُسْلِمٍ لَكِنْ زَادَ بَعْدَ قَوْلِهِ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَحَمَلَنَا قَالَ أَحْمَدُ وَحَدَّثَنَا بِهِ مَرَّةً أُخْرَى فَقَالَ فِيهِ قَالَ نَعَمْ فَحَمَلَنَا يَعْنِي وَأَسْقَطَ قَالَ الَّتِي بَعْدَ نَعَمْ قُلْتُ وَبِإِثْبَاتِهَا تُوَافِقُ رِوَايَةَ الْبُخَارِيِّ وَبِحَذْفِهَا تُخَالِفُهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي حَدِيث بن جَعْفَرٍ أَيْضًا جَوَازُ الْفَخْرِ بِمَا يَقَعُ مِنْ إِكْرَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَثُبُوتُ الصُّحْبَةِ لَهُ وَلِابْنِ الزُّبَيْرِ وَهُمَا مُتَقَارِبَانِ فِي السِّنِّ وَقَدْ حَفِظَا غَيْرَ هَذَا ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ حَدِيثَ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ فِي الْمُلَاقَاةِ وَسَيَأْتِي فِي أَوَاخِرِ الْمَغَازِي وَوَقَعَ لِابْنِ التِّينِ هُنَا فِي الْمُرَادِ بِثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ شَيْءٌ رَدَّهُ عَلَيْهِ شَيخنَا بن الملقن وَالصَّوَاب مَعَ بن التِّين

الصفحة 192