كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 6)

قَوْلُهُ بَابُ الطَّعَامِ عِنْدَ الْقُدُومِ أَيْ مِنَ السَّفَرِ وَهَذَا الطَّعَامُ يُقَالُ لَهُ النَّقِيعَةُ بِالنُّونِ وَالْقَافِ قِيلَ اشْتُقَّ مِنَ النَّقْعِ وَهُوَ الْغُبَارُ لِأَنَّ الْمُسَافِرَ يَأْتِي وَعَلَيْهِ غُبَارُ السَّفَرِ وَقِيلَ النَّقِيعَةُ مِنَ اللَّبَنِ إِذَا بَرُدَ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِك قَوْله وَكَانَ بن عُمَرَ يُفْطِرُ لِمَنْ يَغْشَاهُ أَيْ لِأَجْلِ مَنْ يَغْشَاهُ وَالْأَصْل فِيهِ أَن بن عُمَرَ كَانَ لَا يَصُومُ فِي السَّفَرِ لَا فَرْضًا وَلَا تَطَوُّعًا وَكَانَ يُكْثِرُ مِنْ صَوْمِ التَّطَوُّعِ فِي الْحَضَرِ وَكَانَ إِذَا سَافَرَ أَفْطَرَ وَإِذَا قَدِمَ صَامَ إِمَّا قَضَاءً إِنْ كَانَ سَافَرَ فِي رَمَضَانَ وَإِمَّا تَطَوُّعًا إِنْ كَانَ فِي غَيْرِهِ لَكِنَّهُ يُفْطِرُ أَوَّلَ قُدُومِهِ لِأَجْلِ الَّذِينَ يَغْشَوْنَهُ لِلسَّلَامِ عَلَيْهِ وَالتَّهْنِئَةِ بِالْقُدُومِ ثُمَّ يَصُومُ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ يَصْنَعُ بَدَلَ يُفْطِرُ وَالْمَعْنَى صَحِيحٌ لَكِنَّ الْأَوَّلَ أَصْوَبُ فَقَدْ وَصَلَهُ إِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي فِي كِتَابِ أَحْكَامِ الْقُرْآنِ مِنْ طَرِيقِ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ كَانَ بن عُمَرَ إِذَا كَانَ مُقِيمًا لَمْ يُفْطِرْ وَإِذَا كَانَ مُسَافِرًا لَمْ يَصُمْ فَإِذَا قَدِمَ أَفْطَرَ أَيَّامًا لغاشيته ثمَّ يَصُوم قَالَ بن بَطَّالٍ فِيهِ إِطْعَامُ الْإِمَامِ وَالرَّئِيسِ أَصْحَابَهُ عِنْدَ الْقُدُومِ مِنَ السَّفَرِ وَهُوَ مُسْتَحَبٌّ عِنْدَ السَّلَفِ وَيُسَمَّى النَّقِيعَةَ بِنُونٍ وَقَافٍ وَزْنُ عَظِيمَةٍ وَنُقِلَ عَن الْمُهلب أَن بن عُمَرَ كَانَ إِذَا قَدِمَ مَنْ سَفَرٍ أَطْعَمَ مَنْ يَأْتِيَهُ وَيُفْطِرُ مَعَهُمْ وَيَتْرُكُ قَضَاءَ رَمَضَانَ لِأَنَّهُ كَانَ لَا يَصُومُ فِي السَّفَرِ فَإِذَا انْتَهَى الطَّعَامُ ابْتَدَأَ قَضَاءَ رَمَضَانَ قَالَ وَقَدْ جَاءَ هَذَا مُفَسَّرًا فِي كِتَابِ الْأَحْكَامِ لِإِسْمَاعِيلَ القَاضِي وَتعقبه بن بَطَّالٍ بِأَنَّ الْأَثَرَ الَّذِي أَخْرَجَهُ إِسْمَاعِيلُ لَيْسَ فِيهِ مَا ادَّعَاهُ الْمُهَلَّبُ يَعْنِي مِنَ التَّقْيِيدِ بِرَمَضَانَ وَإِنْ كَانَ يَتَنَاوَلُهُ بِعُمُومِهِ وَإِنَّمَا حَمَلَ الْمُهلب على ذَلِك مَا جَاءَ عَن بن عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِيمَنْ نَوَى الصَّوْمَ ثُمَّ أَفْطَرَ إِنَّهُ مُتَلَاعِبٌ وَأَنَّهُ دُعِيَ إِلَى وَلِيمَةٍ فَحَضَرَ وَلَمْ يَأْكُلْ وَاعْتَذَرَ بِأَنَّهُ نَوَى الصَّوْمَ فَاحْتَاجَ أَنْ يُقَيِّدَهُ بِقَضَاءِ رَمَضَانَ وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إِلَى ذَلِكَ إِذَا حُمِلَ عَلَى الصُّورَةِ الَّتِي ابْتَدَأْتُ بِهَا وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَنْوِي الصَّوْمَ حِينَئِذٍ بَلْ يَقْصِدُ الْفِطْرَ لِأَجْلِ مَا ذُكِرَ ثُمَّ يَسْتَأْنِفُ الصَّوْمَ تَطَوُّعًا كَانَ أَوْ قَضَاءً وَاللَّهُ أَعْلَمُ ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ حَدِيثَ جَابِرٍ فِي قِصَّةِ بَيْعِ جَمَلِهِ مِنْ طَرِيقِ مُحَارِبٍ عَنْهُ بِاخْتِصَارٍ وَالْغَرَضُ مِنْهُ

[3089] قَوْلُهُ فَلَمَّا قَدِمَ صِرَارًا أَمَرَ بِبَقَرَةٍ فَذُبِحَتْ فَأَكَلُوا مِنْهَا الْحَدِيثَ وَصِرَارٌ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَالتَّخْفِيفِ وَوَهِمَ مَنْ ذَكَرَهُ بِمُعْجَمَةٍ أَوَّلَهُ وَهُوَ مَوْضِعٌ بِظَاهِرِ الْمَدِينَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ مِنْهَا مِنْ جِهَةِ الْمَشْرِقِ وقَوْلُهُ فِي أَوَّلِ السَّنَدِ حَدَّثَنَا مُحَمَّد هُوَ بن سَلَامٍ وَقَدْ حَدَّثَ بِهِ عَنْ وَكِيعٍ وَمِمَّنْ يُسمى مُحَمَّد مِنْ شُيُوخِ الْبُخَارِيِّ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَمُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ وَغَيْرُهُمَا وَلَكِنْ تَقَرَّرَ أَنَّ الْبُخَارِيَّ حَيْثُ يُطلق مُحَمَّد لَا يُرِيد الا

الصفحة 194