كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 6)

إِلَّا السَّلَبَ فَإِنَّهُ لِلْقَاتِلِ عَلَى الرَّاجِحِ كَمَا سَيَأْتِي وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي البَابِ ثَلَاثَةَ أَحَادِيثَ أَحَدُهَا حَدِيثُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فِي قِصَّةِ الشَّارِفَيْنِ

[3091] قَوْلُهُ كَانَتْ لِي شَارِفٌ مِنْ نَصِيبِي مِنَ الْمَغْنَمِ يَوْمَ بَدْرٍ الشَّارِفُ الْمُسِنُّ مِنَ النُّوقِ وَلَا يُقَالُ لِلذَّكَرِ عِنْدَ الْأَكْثَرِ وَحَكَى إِبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ عَنِ الْأَصْمَعِيِّ جَوَازَهُ قَالَ عِيَاضٌ جَمْعُ فَاعِلٍ عَلَى فُعُلٍ بِضَمَّتَيْنِ قَلِيلٌ قَوْلُهُ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَانِي شارفا من الْخمس قَالَ بن بَطَّالٍ ظَاهِرُهُ أَنَّ الْخُمُسَ شُرِعَ يَوْمَ بَدْرٍ وَلَمْ يَخْتَلِفْ أَهْلُ السِّيَرِ أَنَّ الْخُمُسَ لَمْ يَكُنْ يَوْمَ بَدْرٍ وَقَدْ ذَكَرَ إِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي فِي غَزْوَةِ بَنِي قُرَيْظَةَ قَالَ قِيلَ إِنَّهُ أَوَّلُ يَوْمٍ فُرِضَ فِيهِ الْخُمُسُ قَالَ وَقِيلَ نَزَلَ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ ولَمْ يَأْتِ مَا فِيهِ بَيَانٌ شَافٍ وَإِنَّمَا جَاءَ صَرِيحًا فِي غَنَائِم حنين قَالَ بن بَطَّالٍ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَيَحْتَاجُ قَوْلُ عَلِيٍّ إِلَى تَأْوِيلٍ قَالَ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مَا ذكر بن إِسْحَاقَ فِي سَرِيَّةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ الَّتِي كَانَتْ فِي رَجَبٍ قَبْلَ بَدْرٍ بِشَهْرَيْنِ وَأَن بن إِسْحَاقَ قَالَ ذَكَرَ لِي بَعْضُ آلِ جَحْشٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ قَالَ لِأَصْحَابِهِ أَنَّ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا غَنِمْنَا الْخُمُسَ وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَفْرِضَ اللَّهُ الْخُمُسَ فَعَزَلَ لَهُ الْخُمُسَ وَقَسَّمَ سَائِرَ الْغَنِيمَةَ بَيْنَ أَصْحَابِهِ قَالَ فَوَقَعَ رِضَا اللَّهِ بِذَلِكَ قَالَ فَيُحْمَلُ قَوْلُ عَلِيٍّ وَكَانَ قَدْ أَعْطَانِي شَارِفًا مِنَ الْخُمُسِ أَيْ مِنَ الَّذِي حَصَلَ مِنْ سَرِيَّةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ قُلْتُ وَيُعَكِّرُ عَلَيْهِ أَنَّ فِي الرِّوَايَةِ الْآتِيَةِ فِي الْمَغَازِي وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَانِي مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنَ الْخُمُسِ يَوْمَئِذٍ وَالْعجب أَن بن بَطَّالٍ عَزَا هَذِهِ الرِّوَايَةَ لِأَبِي دَاوُدَ وَجَعَلَهَا شَاهِدَةً لِمَا تَأَوَّلَهُ وَغَفَلَ عَنْ كَوْنِهَا فِي الْبُخَارِيِّ الَّذِي شَرَحَهُ وَعَنْ كَوْنِ ظَاهِرِهَا شَاهِدًا عَلَيْهِ لَا لَهُ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى مَا نَقله عَن أَهْلُ السِّيَرِ صَرِيحًا فِي أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي غَنَائِمِ بَدْرٍ خُمُسٌ وَالْعَجَبُ أَنَّهُ يُثْبِتُ فِي غَنِيمَةِ السَّرِيَّةِ الَّتِي قَبْلَ بَدْرٍ الْخُمُسَ وَيَقُولُ إِنَّ اللَّهَ رَضِيَ بِذَلِكَ وَيَنْفِيهِ فِي يَوْمِ بَدْرٍ مَعَ أَنَّ الْأَنْفَالَ الَّتِي فِيهَا التَّصْرِيحُ بِفَرْضِ الْخُمُسِ نَزَلَ غَالِبُهَا فِي قِصَّةِ بَدْرٍ وَقَدْ جَزَمَ الدَّاوُدِيُّ الشَّارِحُ بِأَنَّ آيَةَ الْخُمُسِ نَزَلَتْ يَوْمَ بَدْرٍ وَقَالَ السُّبْكِيُّ نَزَلَتِ الْأَنْفَالُ فِي بَدْرٍ وَغَنَائِمِهَا وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ آيَةَ قِسْمَةِ الْغَنِيمَةِ نَزَلَتْ بَعْدَ تَفْرِقَةِ الْغَنَائِمِ لِأَنَّ أَهْلَ السِّيَرِ نَقَلُوا أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَسَّمَهَا عَلَى السَّوَاءِ وَأَعْطَاهَا لِمَنْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ أَوْ غَابَ لِعُذْرٍ تَكَرُّمًا مِنْهُ لِأَنَّ الْغَنِيمَةَ كَانَتْ أَوَّلًا بِنَصِّ أَوَّلَ سُورَةِ الْأَنْفَالِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَلَكِنْ يُعَكِّرُ عَلَى مَا قَالَ أَهْلُ السِّيَرِ حَدِيثُ عَلِيٍّ يَعْنِي حَدِيثَ الْبَابِ حَيْثُ قَالَ وَأَعْطَانِي شَارِفًا مِنَ الْخُمُسِ يَوْمَئِذٍ فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ كَانَ فِيهَا خُمُسٌ قُلْتُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ قِسْمَةُ غَنَائِمِ بَدْرٍ وَقَعَتْ عَلَى السَّوَاءِ بَعْدَ أَنْ أُخْرِجَ الْخُمُسُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ قِصَّةِ سَرِيَّةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ وَأَفَادَتْ آيَةُ الْأَنْفَالِ وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم إِلَى آخِرِهَا بَيَانُ مَصْرِفِ الْخُمُسِ لَا مَشْرُوعِيَّةَ أَصْلِ الْخُمُسِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا مَا نَقَلَهُ عَن أهل السّير فَأخْرجهُ بن إِسْحَاقَ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ يُحْتَجُّ بِمِثْلِهِ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ فَلَمَّا اخْتَلَفْنَا فِي الْغَنِيمَةِ وَسَاءَتْ أَخْلَاقُنَا انْتَزَعَهَا اللَّهُ مِنَّا فَجَعَلَهَا لِرَسُولِهِ فَقَسَمهَا عَلَى النَّاسِ عَنْ سَوَاءٍ أَيْ عَلَى سَوَاءٍ سَاقَهُ مُطَوَّلًا وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقه وَصَححهُ بن حبَان من وَجه آخر لَيْسَ فِيهِ بن إِسْحَاقَ قَوْلُهُ أَبْتَنِي بِفَاطِمَةَ أَيْ أَدْخُلُ بِهَا وَالْبِنَاءُ الدُّخُولُ بِالزَّوْجَةِ وَأَصْلُهُ أَنَّهُمْ كَانُوا مَنْ أَرَادَ ذَلِكَ بُنِيَتْ لَهُ قُبَّةٌ فَخَلَا فِيهَا بِأَهْلِهِ وَاخْتُلِفَ فِي وَقْتِ دُخُولِ عَلِيٍّ بِفَاطِمَةَ وَهَذَا الْحَدِيثُ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ كَانَ عَقِبَ وَقْعَةِ بَدْرٍ وَلَعَلَّهُ كَانَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ فَإِنَّ وَقْعَةَ بَدْرٍ كَانَتْ فِي رَمَضَانَ مِنْهَا وَقِيلَ تَزَوَّجَهَا فِي السَّنَةِ الْأُولَى وَلَعَلَّ قَائِلَ ذَلِك أَرَادَ العقد وَنقل بن الْجَوْزِيِّ أَنَّهُ كَانَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَقِيلَ فِي رَجَبٍ وَقِيلَ فِي ذِي الْحِجَّةِ قُلْتُ وَهَذَا الْأَخِيرُ يُشْبِهُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى شَهْرِ الدُّخُولِ بِهَا وَقِيلَ تَأَخَّرَ دُخُولُهُ بِهَا إِلَى سَنَةِ ثَلَاثٍ فَدَخَلَ بِهَا بَعْدَ وَقْعَةِ أحد حَكَاهُ بن عَبْدِ الْبَرِّ وَفِيهِ بُعْدٌ قَوْلُهُ وَاعَدْتُ رَجُلًا صَوَّاغًا بِفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَالتَّشْدِيدِ وَلَمْ أَقِفْ

الصفحة 199