كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 6)

(قَوْلُهُ بَابُ مَا جَاءَ فِي بُيُوتُ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا نُسِبَ مِنَ الْبُيُوتِ إِلَيْهِنَّ)
وَقَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَقرن فِي بيوتكن وَلَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ قَالَ بن الْمُنِيرِ غَرَضُهُ بِهَذِهِ التَّرْجَمَةِ أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّ هَذِهِ النِّسْبَةَ تُحَقِّقُ دَوَامَ اسْتِحْقَاقِهِنَّ لِلْبُيُوتِ مَا بَقِينَ لِأَنَّ نَفَقَتَهُنَّ وَسُكْنَاهُنَّ مِنْ خَصَائِصِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالسِّرُّ فِيهِ حَبْسُهُنَّ عَلَيْهِ ثُمَّ ذَكَرَ فِيهِ سَبْعَةَ أَحَادِيثَ الْأَوَّلُ حَدِيثُ عَائِشَةَ اسْتَأْذَنَ أَزْوَاجَهُ أَنْ يُمَرَّضَ فِي بَيْتِي ذَكَرَهُ مُخْتَصَرًا ثَانِيهَا حَدِيثُهَا تُوُفِّيَ فِي بَيْتِي وَفِي نَوْبَتِي وَفِيهِ ذِكْرُ السِّوَاكِ مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِمَا مُسْتَوْفًى فِي أَوَاخِرِ الْمَغَازِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ثَالِثا حَدِيثُ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ أَنَّهَا جَاءَتْ تَزُورُهُ وَهُوَ مُعْتَكِفٌ وَالْغَرَضُ مِنْهُ قَوْلُهَا فِيهِ عِنْدَ بَابِ أُمِّ سَلَمَةَ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي الِاعْتِكَاف رَابِعهَا حَدِيث بن عُمَرَ ارْتَقَيْتُ فَوْقَ بَيْتِ حَفْصَةَ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي الطَّهَارَةِ خَامِسُهَا حَدِيثُ عَائِشَةَ كَانَ يُصَلِّي الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ لَمْ تَخْرُجْ مِنْ حُجْرَتِهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي الْمَوَاقِيتِ سَادِسُهَا حَدِيثُ عبد الله وَهُوَ بن عمر الْفِتْنَة هَا هُنَا وَسَيَأْتِي شَرْحُهُ فِي الْفِتَنِ وَالْغَرَضُ مِنْهُ قَوْلُهُ وَأَشَارَ نَحْوَ مَسْكَنِ عَائِشَةَ وَاعْتَرَضَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ بِأَنَّ ذِكْرَ الْمَسْكَنِ لَا يُنَاسِبُ مَا قَصَدَ لِأَنَّهُ يَسْتَوِي فِيهِ الْمَالِكُ وَالْمُسْتَعِيرُ وَغَيْرُهُمَا سَابِعُهَا حَدِيثُ عَائِشَةَ أَنَّهَا سَمِعَتْ صَوْتَ إِنْسَانٍ يَسْتَأْذِنُ فِي بَيْتِ حَفْصَةَ وَقَدْ تَقَدَّمَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ فِي الشَّهَادَاتِ وَيَأْتِي شَرْحُهُ فِي الرَّضَاعِ تَنْبِيهٌ وَقَعَ فِي سِيَاقِهِ فِي الشَّهَادَاتِ زِيَادَةٌ عَلَى سَبِيلِ الْوَهْمِ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ وَكَذَا فِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ عَنْ شَيْخِهِ وَقَدْ ضَرَبَ عَلَيْهَا فِي بَعْضِ نُسَخِ أَبِي ذَرٍّ وَالصَّوَابُ حَذْفُهَا وَلَفْظُ الزِّيَادَةِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أُرَاهُ فُلَانًا لِعَمِّ حَفْصَةَ مِنْ الرَّضَاعَةِ فَقَالَتْ عَائِشَةُ فَهَذَا الْقَدْرُ زَائِدٌ وَالصَّوَابُ حَذْفُهُ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ صَاحِبُ الْمَشَارِقِ قَالَ الطَّبَرِيُّ قِيلَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَلَّكَ كُلًّا مِنْ أَزْوَاجِهِ الْبَيْتَ الَّذِي هِيَ فِيهِ فَسَكَنَ بَعْدَهُ فِيهِنَّ بِذَلِكَ التَّمْلِيكِ وَقِيلَ إِنَّمَا لَمْ يُنَازِعْهُنَّ فِي مَسَاكِنِهِنَّ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ جُمْلَةِ مؤنتهن الَّتِي كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَثْنَاهَا لَهُنَّ مِمَّا كَانَ بِيَدِهِ أَيَّامَ حَيَاتِهِ حَيْثُ قَالَ مَا تَرَكْتُ بَعْدَ نَفَقَةِ نِسَائِي قَالَ وَهَذَا أَرْجَحُ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ وَرَثَتَهُنَّ لَمْ يَرِثْنَ عَنْهُنَّ مَنَازِلَهُنَّ وَلَوْ كَانَتِ الْبُيُوتُ مِلْكًا لَهُنَّ لَانْتَقَلَتْ إِلَى وَرَثَتِهِنَّ وَفِي تَرْكِ وَرَثَتِهِنَّ حُقُوقَهُمْ مِنْهَا دَلَالَةٌ عَلَى ذَلِكَ وَلِهَذَا زِيدَتْ بُيُوتُهُنَّ فِي الْمَسْجِدِ النَّبَوِيِّ بَعْدَ مَوْتِهِنَّ لِعُمُومِ نَفْعِهِ لِلْمُسْلِمِينَ كَمَا فَعَلَ فِيمَا كَانَ يُصْرَفُ لَهُنَّ مِنَ النَّفَقَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَادَّعَى الْمُهَلَّبُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ حَبَسَ عَلَيْهِنَّ بُيُوتَهُنَّ ثُمَّ اسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ مَنْ حَبَسَ دَارًا جَازَ لَهُ أَنْ يسكن مِنْهَا فِي مَوضِع وَتعقبه بن الْمُنِيرِ بِمَنْعِ أَصْلِ الدَّعْوَى ثُمَّ عَلَى التَّنَزُّلِ لَا يُوَافِقُ ذَلِكَ مَذْهَبَهُ إِلَّا إِنْ صَرَّحَ بِالِاسْتِثْنَاءِ وَمن أَيْن لَهُ ذَلِك

الصفحة 211