كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 6)

(قَوْلُهُ بَابُ مَا ذُكِرَ مِنْ دِرْعِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَصَاهُ وَسَيْفِهِ وَقَدَحِهِ وَخَاتَمِهِ وَمَا اسْتَعْمَلَ الْخُلَفَاءُ بَعْدَهُ مِنْ ذَلِكَ)
الْغَرَضُ مِنْ هَذِهِ التَّرْجَمَةِ تَثْبِيتُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُورَثْ وَلَا بِيعَ مَوْجُودُهُ بَلْ تُرِكَ بِيَدِ مَنْ صَارَ إِلَيْهِ لِلتَّبَرُّكِ بِهِ وَلَوْ كَانَتْ مِيرَاثًا لَبِيعَتْ وَقُسِّمَتْ وَلِهَذَا قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ مِمَّا لَمْ تُذْكَرْ قِسْمَتُهُ وَقَوْلُهُ مِمَّا تَبَرَّكَ أَصْحَابُهُ أَيْ بِهِ وَحَذَفَهُ لِلْعِلْمِ بِهِ كَذَا لِلْأَصِيلِيِّ وَلِأَبِي ذَرٍّ عَنْ شَيْخَيْهِ شِرْكٌ بِالشِّينِ مِنَ الشَّرِكَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ مِمَّا يَتَبَرَّكُ بِهِ أَصْحَابُهُ وَهُوَ يُقَوِّي رِوَايَةَ الْأَصِيلِيِّ وَأَمَّا قَوْلُ الْمُهلب أَنه إِنَّمَا تَرْجَمَ بِذَلِكَ لِيَتَأَسَّى بِهِ وُلَاةُ الْأُمُورِ فِي اتِّخَاذِ هَذِهِ الْآلَاتِ فَفِيهِ نَظَرٌ وَمَا تَقَدَّمَ أَوْلَى وَهُوَ الْأَلْيَقُ لِدُخُولِهِ فِي أَبْوَابِ الْخُمُسِ ثُمَّ ذَكَرَ فِيهِ أَحَادِيثَ لَيْسَ فِيهَا مِمَّا تَرْجَمَ بِهِ إِلَّا الْخَاتَمُ وَالنَّعْلُ وَالسَّيْفُ وَذَكَرَ فِيهِ الْكِسَاءَ وَالْإِزَارَ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِهِمَا فِي التَّرْجَمَةِ فَمَا ذَكَرَهُ فِي التَّرْجَمَةِ وَلَمْ يُخَرِّجْ حَدِيثَهُ فِي الْبَابِ الدِّرْعُ وَلَعَلَّهُ أَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ فِيهَا حَدِيثَ عَائِشَةَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُوُفِّيَ وَدِرْعُهُ مَرْهُونَةٌ فَلَمْ يَتَّفِقْ ذَلِكَ وَقَدْ سَبَقَ فِي الْبُيُوعِ وَالرَّهْنِ وَمِنْ ذَلِكَ الْعَصَا وَلَمْ يَقَعْ لَهَا ذِكْرٌ فِي الْأَحَادِيثِ الَّتِي أَوْرَدَهَا وَلَعَلَّهُ أَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ حَدِيث بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَسْتَلِمُ الرُّكْنَ بِمِحْجَنٍ وَقَدْ مَضَى فِي الْحَجِّ وَسَيَأْتِي فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ وَاللَّيْل إِذا يغشى ذِكْرُ الْمِخْصَرَةِ وَأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ يَنْكُتُ بِهَا فِي الْأَرْضِ وَهِيَ عَصًا يُمْسِكُهَا الْكَبِيرُ يَتَّكِئُ عَلَيْهَا وَكَانَ قَضِيبُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ شَوْحَطٍ وَكَانَتْ عِنْدَ الْخُلَفَاءِ بَعْدَهُ حَتَّى كَسَرَهَا جَهْجَاهُ الْغِفَارِيُّ فِي زَمَنِ عُثْمَانَ وَمِنْ ذَلِكَ الشَّعْرُ وَلَعَلَّهُ أَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ فِيهِ حَدِيثَ أَنَسٍ الْمَاضِي فِي الطَّهَارَة فِي قَول بن سِيرِينَ عِنْدَنَا شَعْرٌ مِنْ شَعَرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَارَ إِلَيْنَا مِنْ قِبَلِ أَنَسٍ وَأَمَّا قَوْلُهُ وَآنِيَتِهِ بَعْدَ ذِكْرِ الْقَدَحِ فَمِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْبَابِ مِنَ الْآنِيَةِ سِوَى الْقَدَحِ وَفِيهِ كِفَايَةٌ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى مَا عَدَاهُ وَأَمَّا الْأَحَادِيثُ الَّتِي أَوْرَدَهَا فِي الْبَابِ فَالْأَوَّلُ مِنْهَا حَدِيثُ أَنَسٍ فِي الْخَاتَمِ وَالْغَرَضُ مِنْهُ

[3106] قَوْلُهُ فِيهِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ خَتَمَ الْكِتَابَ بِخَاتَمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ مُطَابِقٌ لِقَوْلِهِ فِي التَّرْجَمَةِ وَمَا اسْتَعْمَلَ الْخُلَفَاءُ مِنْ ذَلِكَ وَسَيَأْتِي فِي اللِّبَاسِ فِيهِ مِنَ الزِّيَادَةِ أَنَّهُ كَانَ فِي يَدِ أَبِي بَكْرٍ وَفِي يَدِ عُمَرَ بَعْدَهُ وَأَنَّهُ سَقَطَ مِنْ يَدِ عُثْمَانَ وَيَأْتِي شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى هُنَاكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى الثَّانِي حَدِيثُهُ أَنَّهُ أَخْرَجَ نَعْلَيْنِ جَرْدَاوَيْنِ بِالْجِيمِ أَيْ لَا شَعْرَ عَلَيْهِمَا وَقِيلَ خلقتين

الصفحة 213