كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 6)

سُعَاةَ عُثْمَانَ لَمْ أَقِفْ عَلَى تَعْيِينِ الشَّاكِي وَلَا الْمَشْكُوِّ وَالسُّعَاةُ جَمْعُ سَاعٍ وَهُوَ الْعَامِلُ الَّذِي يَسْعَى فِي اسْتِخْرَاجِ الصَّدَقَةِ مِمَّنْ تَجِبُ عَلَيْهِ وَيَحْمِلُهَا إِلَى الْإِمَامِ قَوْلُهُ فَقَالَ لِي عَلِيٌّ اذْهَبْ إِلَى عُثْمَانَ فَأَخْبِرْهُ أَنَّهَا صَدَقَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْ أَنَّ الصَّحِيفَةَ الَّتِي أَرْسَلَ بِهَا إِلَى عُثْمَانَ مَكْتُوبٌ فِيهَا بَيَانُ مَصَارِفِ الصَّدَقَاتِ وَقَدْ بَيَّنَ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّهُ قَالَ لَهُ خُذْ هَذَا الْكِتَابَ فَإِنَّ فِيهِ أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّدَقَةِ وَفِي رِوَايَةِ بن أَبِي شَيْبَةَ خُذْ كِتَابَ السُّعَاةِ فَاذْهَبْ بِهِ إِلَى عُثْمَانَ قَوْلُهُ أَغْنِهَا بِهَمْزَةٍ مَفْتُوحَةٍ وَمُعْجَمَةٍ سَاكِنَةٍ وَكَسْرِ النُّونِ أَيِ اصْرِفْهَا تَقُولُ أَغْنِ وَجْهَكَ عَنِّي أَيِ اصْرِفْهُ وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ لِكُلِّ امْرِئ مِنْهُم يَوْمئِذٍ شَأْن يُغْنِيه أَيْ يَصُدُّهُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ غَيْرِهِ وَيُقَالُ قَوْلُهُ اغْنِهَا عَنَّا بِأَلِفِ وَصْلٍ مِنَ الثُّلَاثِيِّ وَهِيَ كَلِمَةٌ مَعْنَاهَا التَّرْكُ وَالْإِعْرَاضُ وَمِنْهُ وَاسْتَغْنَى اللَّهُ أَيْ تَرَكَهُمُ اللَّهُ لِأَنَّ كُلَّ مَنِ اسْتَغْنَى عَنْ شَيْءٍ تَرَكَهُ تَقُولُ غَنِيَ فُلَانٌ عَنْ كَذَا فَهُوَ غَانٍ بِوَزْنِ عَلِمَ فَهُوَ عَالِمٌ وَفِي رِوَايَة بن أَبِي شَيْبَةَ لَا حَاجَةَ لَنَا فِيهِ وَقِيلَ كَانَ عِلْمُ ذَلِكَ عِنْدَ عُثْمَانَ فَاسْتَغْنَى عَنِ النَّظَرِ فِي الصَّحِيفَةِ وَقَالَ الْحُمَيْدِيُّ فِي الْجَمْعِ قَالَ بعض الروَاة عَن بن عُيَيْنَةَ لَمْ يَجِدْ عَلِيٌّ بُدًّا حِينَ كَانَ عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنْهُ أَنْ يُنْهِيَهُ إِلَيْهِ وَنَرَى أَنَّ عُثْمَانَ إِنَّمَا رَدَّهُ لِأَنَّ عِنْدَهُ عِلْمًا مِنْ ذَلِكَ فَاسْتَغْنَى عَنْهُ وَيُسْتَفَادُ مِنَ الْحَدِيثِ بَذْلُ النَّصِيحَةِ لِلْأُمَرَاءِ وَكَشْفُ أَحْوَالِ مَنْ يَقَعُ مِنْهُ الْفَسَادُ مِنْ أَتْبَاعِهِمْ وَلِلْإِمَامِ التَّنْقِيبُ عَنْ ذَلِكَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عُثْمَانُ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَهُ مَا طُعِنَ بِهِ عَلَى سُعَاتِهِ أَوْ ثَبَتَ عِنْدَهُ وَكَانَ التَّدْبِيرُ يَقْتَضِي تَأْخِيرَ الْإِنْكَارِ أَوْ كَانَ الَّذِي أَنْكَرَهُ مِنَ الْمُسْتَحَبَّاتِ لَا مِنَ الْوَاجِبَاتِ وَلِذَلِكَ عَذَرَهُ عَلِيٌّ وَلَمْ يَذْكُرْهُ بِسُوءٍ قَوْلُهُ فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ ضَعْهَا حَيْثُ أَخَذْتَهَا فِي رِوَايَة بن أَبِي شَيْبَةَ ضَعْهُ مَوْضِعَهُ قَوْلُهُ وَقَالَ الْحُمَيْدِيُّ إِلَخْ هُوَ فِي كِتَابِ النَّوَادِرِ لَهُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَالْحُمَيْدِيُّ مِنْ شُيُوخِ الْبُخَارِيِّ فِي الْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ هَذَا الْكِتَابِ وَأَرَادَ بِرِوَايَتِهِ هَذِهِ بَيَانَ تَصْرِيحِ سُفْيَانَ بِالتَّحْدِيثِ وَكَذَا التَّصْرِيحُ بِسَمَاعِ مُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ مِنْ مُنْذِرٍ وَلَمْ أَقِفْ فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِهِ عَلَى تَعْيِينِ مَا كَانَ فِي الصَّحِيفَةِ لَكِنْ أَخْرَجَ الْخَطَّابِيُّ فِي غَرِيبِ الْحَدِيثِ مِنْ طَرِيقِ عَطِيَّة عَن بن عُمَرَ قَالَ بَعَثَ عَلِيٌّ إِلَى عُثْمَانَ بِصَحِيفَةٍ فِيهَا لَا تَأْخُذُوا الصَّدَقَةَ مِنَ الرَّخَّةِ وَلَا مِنَ النُّخَّةِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ النُّخَّةُ بِنُونٍ وَمُعْجَمَةٍ أَوْلَادُ الْغَنَمِ وَالرَّخَّةُ بِرَاءٍ وَمُعْجَمَةٍ أَيْضًا أَوْلَادُ الْإِبِلِ انْتَهَى وَسَنَدُهُ ضَعِيفٌ لَكِنَّهُ مِمَّا يُحْتَمَلُ

الصفحة 215