كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 6)

وَأَبُو الْأَسْوَدِ هُوَ النَّوْفَلِيُّ الَّذِي يُقَالُ لَهُ يَتِيمُ عُرْوَةَ وَالنُّعْمَانُ بْنُ أَبِي عَيَّاشٍ بِالتَّحْتَانِيَّةِ وَالْمُعْجَمَةِ أَنْصَارِيٌّ وَهُوَ زُرَقِيٌّ وَبِذَلِكَ وَصَفَهُ الدَّوْرَقِيُّ وَاسْمُ أَبِي عَيَّاشٍ عُبَيْدٌ وَقِيلَ زَيْدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَوْلُهُ عَنْ خَوْلَةَ الْأَنْصَارِيَّةِ فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ بِنْتِ ثَامِرٍ الْأَنْصَارِيَّةِ وَزَادَ فِي أَوَّلِهِ الدُّنْيَا خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ وَإِنَّ رِجَالًا أخرجه التِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ سَمِعْتُ خَوْلَةَ بِنْتَ قَيْسٍ وَكَانَتْ تَحْتَ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ مَنْ أَصَابَهُ بِحَقِّهِ بُورِكَ لَهُ فِيهِ وَرُبَّ مُتَخَوِّضٍ فِيمَا شَاءَتْ نَفْسُهُ مِنْ مَالِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ لَيْسَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَّا النَّارُ قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَأَبُو الْوَلِيدِ اسْمُهُ عُبَيْدٌ قُلْتُ فَرَّقَ غَيْرُ وَاحِدٍ بَيْنَ خَوْلَةَ بِنْتِ ثَامِرٍ وَبَيْنَ خَوْلَةَ بِنْتِ قَيْسٍ وَقِيلَ إِنَّ قَيْسَ بْنَ قَهْدٍ بِالْقَافِ لَقَبُهُ ثَامِرٌ وَبِذَلِكَ جَزَمَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ فَعَلَى هَذَا فَهِيَ وَاحِدَةٌ وَقَوْلُهُ خَضِرَةٌ أُنِّثَ عَلَى تَأْوِيلِ الْغَنِيمَةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ مِنْ مَالِ اللَّهِ وَيُحْتَمَلُ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ خَضِرَةٌ أَيْ مُشْتَهَاةٌ وَالنُّفُوسُ تَمِيلُ إِلَى ذَلِكَ وَقَوْلُهُ مِنْ مَالِ اللَّهِ مُظْهَرٌ أُقِيمَ مَقَامَ الْمُضْمَرِ إِشْعَارًا بِأَنَّهُ لَا يَنْبَغِي التَّخَوُّضُ فِي مَالِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالتَّصَرُّفُ فِيهِ بِمُجَرَّدِ التَّشَهِّي وَقَوْلُهُ لَيْسَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَّا النَّارُ حُكْمٌ مُرَتَّبٌ عَلَى الْوَصْفِ الْمُنَاسِبِ وَهُوَ الْخَوْضُ فِي مَالِ اللَّهِ فَفِيهِ إِشْعَارٌ بِالْغَلَبَةِ قَوْلُهُ يَتَخَوَّضُونَ بِالْمُعْجَمَتَيْنِ فِي مَالِ اللَّهِ بِغَيْرِ حَقٍّ أَيْ يَتَصَرَّفُونَ فِي مَالِ الْمُسْلِمِينَ بِالْبَاطِلِ وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ بِالْقِسْمَةِ وَبِغَيْرِهَا وَبِذَلِكَ تُنَاسِبُ التَّرْجَمَةَ تَنْبِيهٌ قَالَ الْكِرْمَانِيُّ مُنَاسَبَةُ حَدِيثِ خَوْلَةَ لِلتَّرْجَمَةِ خَفِيَّةٌ وَيُمْكِنُ أَنْ تُؤْخَذَ مِنْ قَوْلِهِ يَتَخَوَّضُونَ فِي مَالِ اللَّهِ بِغَيْرِ حَقٍّ أَيْ بِغَيْرِ قِسْمَةِ حَقٍّ وَاللَّفْظُ وَإِنْ كَانَ عَامًّا لَكِنْ خَصَّصْنَاهُ بِالْقِسْمَةِ لِتُفْهَمَ مِنْهُ التَّرْجَمَةُ قُلْتُ وَلَا تَحْتَاجُ إِلَى قَيْدِ الِاعْتِذَارِ لِأَنَّ قَوْلَهُ بِغَيْرِ يَدْخُلُ فِي عُمُومِهِ الصُّورَةُ الْمَذْكُورَةُ فَيَصِحُّ الِاحْتِجَاجُ بِهِ عَلَى شَرْطِيَّةِ الْقِسْمَةِ فِي أَمْوَالِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ بِحُكْمِ الْعَدْلِ وَاتِّبَاعِ مَا وَرَدَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ أَرَادَ بِإِيرَادِهِ تَخْوِيفَ مَنْ يُخَالِفُ ذَلِكَ وَيُسْتَفَادُ مِنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ أَنَّ بَيْنَ الِاسْمِ وَالْمُسَمَّى بِهِ مُنَاسَبَةً لَكِنْ لَا يَلْزَمُ اطِّرَادُ ذَلِكَ وَأَنَّ مَنْ أَخَذَ مِنَ الْغَنَائِمِ شَيْئًا بِغَيْرِ قَسْمِ الْإِمَامِ كَانَ عَاصِيًا وَفِيهِ رَدْعُ الْوُلَاةِ أَنْ يَأْخُذُوا مِنَ الْمَالِ شَيْئًا بِغَيْرِ حَقه أَو يمنعوه من أَهله

الصفحة 219