كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 6)

(قَوْله بَاب قَول الله عز وَجل مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ الْآيَةَ)
الْمُرَادُ بِالْمُعَاهَدَةِ الْمَذْكُورَةِ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ من قبل لَا يولون الأدبار وَكَانَ ذَلِكَ أَوَّلَ مَا خَرَجُوا إِلَى أُحُدٍ وَهَذَا قَول بن إِسْحَاقَ وَقِيلَ مَا وَقَعَ لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ مِنَ الْأَنْصَارِ إِذْ بَايَعُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم أَن يؤوه وَيَنْصُرُوهُ وَيَمْنَعُوهُ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى وَقَوْلُهُ فَمِنْهُمْ مَنْ قضى نحبه أَيْ مَاتَ وَأَصْلُ النَّحْبِ النَّذْرُ فَلَمَّا كَانَ كُلُّ حَيٍّ لَا بُدَّ لَهُ مِنَ الْمَوْتِ فَكَأَنَّهُ نَذْرٌ لَازِمٌ لَهُ فَإِذَا مَاتَ فَقَدْ قَضَاهُ وَالْمُرَادُ هُنَا مَنْ مَاتَ عَلَى عَهْدِهِ لمقابلته بِمن ينْتَظر ذَلِك وَأخرج ذَلِك بن أبي حَاتِم بِإِسْنَاد حسن عَن بن عَبَّاسٍ

[2805] قَوْلُهُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ الْخُزَاعِيُّ هُوَ بَصرِي يلقب بمردويه مَالَهُ فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ وَآخَرَ فِي غَزْوَة خَيْبَر وَعبد الْأَعْلَى هُوَ بن عَبْدِ الْأَعْلَى السَّامِيُّ بِالْمُهْمَلَةِ قَوْلُهُ سَأَلْتُ أَنَسًا كَذَا أَوْرَدَهُ وَعَطَفَ عَلَيْهِ الطَّرِيقَ الْأُخْرَى فَأَشْعَرَ بِأَنَّ السِّيَاقَ لَهَا وَأَفَادَتْ رِوَايَةُ عَبْدِ الْأَعْلَى تَصْرِيحَ حُمَيْدٍ لَهُ بِالسَّمَاعِ مِنْ أَنَسٍ فَأُمِنَ تَدْلِيسُهُ وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ رِوَايَةِ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ قَوْلُهُ حَدَّثَنَا زِيَادٌ لَمْ أَرَهُ مَنْسُوبًا فِي شَيْءٍ مِنَ الرِّوَايَاتِ وَزعم الكلاباذي وَمن تبعه أَنه بن عَبْدِ اللَّهِ الْبَكَّائِيُّ بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَتَشْدِيدِ الْكَافِ وَهُوَ صَاحب بن إِسْحَاقَ وَرَاوِي الْمَغَازِي عَنْهُ وَلَيْسَ لَهُ ذِكْرٌ فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا الْمَوْضِعِ قَوْلُهُ غَابَ عَمِّي أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ زَادَ ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ الَّذِي سُمِّيتُ بِهِ قَوْلُهُ عَنْ قِتَالِ بَدْرٍ زَادَ ثَابِتٌ فَكَبُرَ عَلَيْهِ ذَلِكَ قَوْلُهُ أَوَّلُ قِتَالٍ أَيْ لِأَنَّ بَدْرًا أَوَّلُ غَزْوَةٍ خَرَجَ فِيهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَفْسِهِ مُقَاتِلًا وَقَدْ تَقَدَّمَهَا غَيْرُهَا لَكِنْ مَا خَرَجَ فِيهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَفْسِهِ مُقَاتِلًا قَوْلُهُ لَئِنِ اللَّهُ أَشْهَدَنِي أَيْ أَحْضَرَنِي قَوْلُهُ لَيَرَيَنَّ اللَّهُ مَا أَصْنَعُ بِتَشْدِيدِ النُّونِ لِلتَّأْكِيدِ وَاللَّامُ جَوَابُ الْقَسَمِ الْمُقَدَّرِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ ثَابِتٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ لَيَرَانِي اللَّهُ بِتَخْفِيفِ النُّونِ بَعْدَهَا تَحْتَانِيَّةٌ وَقَوْلُهُ مَا أَصْنَعُ أَعْرَبَهُ النَّوَوِيُّ بَدَلًا مِنْ ضَمِيرِ الْمُتَكَلِّمِ وَفِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ عَنْ حُمَيْدٍ الْآتِيَةِ فِي الْمَغَازِي لَيَرَيَنَّ اللَّهُ مَا أُجِدُّ وَهُوَ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الْجِيمِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ أَوْ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَضَمِّ الْجِيمِ مَأْخُوذٌ مِنَ الْجِدِّ ضِدِّ الْهَزْلِ وَزَادَ ثَابِتٌ وَهَابَ أَنْ يَقُولَ غَيْرَهَا أَيْ خَشِيَ أَنْ يَلْتَزِمَ شَيْئًا فَيَعْجِزُ عَنْهُ فَأَبْهَمَ وَعُرِفَ مِنَ السِّيَاقِ أَنَّ مُرَادَهُ أَنَّهُ يُبَالِغُ فِي الْقِتَالِ وَعَدَمِ الْفِرَارِ قَوْلُهُ وَانْكَشَفَ الْمُسْلِمُونَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيِّ عَنْ حُمَيْدٍ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ وَانْهَزَمَ النَّاسُ وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ فِي غَزْوَةِ أُحُدٍ قَوْلُهُ أَعْتَذِرُ أَيْ مِنْ فِرَارِ الْمُسْلِمِينَ وَأَبْرَأُ أَيْ مِنْ فِعْلِ الْمُشْرِكِينَ قَوْلُهُ ثُمَّ تَقَدَّمَ أَيْ نَحْوَ الْمُشْرِكِينَ فَاسْتَقْبَلَهُ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ زَادَ ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ مُنْهَزِمًا كَذَا فِي مُسْنَدِ الطَّيَالِسِيِّ وَوَقَعَ عِنْدَ النَّسَائِيِّ مَكَانَهَا مَهْيَمْ وَهُوَ تَصْحِيفٌ فِيمَا أَظُنُّ قَوْلُهُ فَقَالَ يَا سَعْدُ بْنَ مُعَاذٍ الْجَنَّةَ وَرَبِّ النَّضْرِ كَأَنَّهُ يُرِيدُ وَالِدَهُ وَيَحْتَمِلُ أَن يُرِيد ابْنه فَإِنَّهُ كَانَ لَهُ بن يُسَمَّى النَّضْرَ وَكَانَ إِذْ ذَاكَ صَغِيرًا وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْوَهَّابِ فَوَاللَّهِ وَفِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَكْرٍ عَنْ حُمَيْدٍ عِنْدَ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي أُسَامَةَ عَنْهُ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ قَالَ بَعْضَهَا وَالْبَقِيَّةُ بِالْمَعْنَى وَقَوله الْجنَّة

الصفحة 22