كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 6)

فَضْلٌ بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ فَثُلُثُهُ لِوَلَدِكَ قَالَ الْمُهَلَّبُ مَعْنَاهُ ثُلُثُ ذَلِكَ الْفَضْلِ الَّذِي أَوْصَى بِهِ مِنَ الثُّلُثِ لِبَنِيهِ كَذَا قَالَ وَهُوَ كَلَامٌ مَعْرُوفٌ مِنْ خَارِجٍ لَكِنَّهُ لَا يُوَضِّحُ اللَّفْظَ الْوَارِدَ وَضَبَطَ بَعْضُهُمْ قَوْلَ فَثَلِّثْهُ لِوَلَدِكَ بِتَشْدِيدِ اللَّامِ بِصِيغَةِ الْأَمْرِ مِنَ التَّثْلِيثِ وَهُوَ أقرب قَوْله قَالَ هِشَام هُوَ بن عُرْوَةَ رَاوِي الْخَبَرِ وَهُوَ مُتَّصِلٌ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ قَوْلُهُ وَكَانَ بَعْضُ وَلَدِ عَبْدِ اللَّهِ أَيِ بن الزُّبَيْرِ قَدْ وَازَى بِالزَّايِ أَيْ سَاوَى وَفِيهِ اسْتِعْمَالُ وَازَى بِالْوَاوِ خِلَافًا لِلْجَوْهَرِيِّ فَإِنَّهُ قَالَ يُقَالُ آزَى بِالْهَمْزِ وَلَا يُقَالُ وَازَى وَالْمُرَادُ أَنه ساواهم فِي السن قَالَ بن بَطَّالٍ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ سَاوَى بَنُو عَبْدِ اللَّهِ فِي أَنْصِبَائِهِمْ مِنَ الْوَصِيَّةِ أَوْلَادَ الزُّبَيْرِ فِي أَنْصِبَائِهِمْ مِنَ الْمِيرَاثِ قَالَ وَهَذَا أَوْلَى وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِذِكْرِ كَثْرَةِ أَوْلَادِ الزُّبَيْرِ مَعْنًى قُلْتُ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ لَمْ يَظْهَرْ مِقْدَارُ الْمَالِ الْمَوْرُوثِ وَلَا الْمُوصَى بِهِ وَأَمَّا قَوْلُهُ لَا يَكُونُ لَهُ مَعْنًى فَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ إِنَّمَا خَصَّ أَوْلَادَ عَبْدِ اللَّهِ دُونَ غَيْرِهِمْ لِأَنَّهُمْ كَبِرُوا وَتَأَهَّلُوا حَتَّى سَاوَوْا أَعْمَامَهُمْ فِي ذَلِكَ فَجَعَلَ لَهُمْ نَصِيبًا مِنَ الْمَالِ لِيَتَوَفَّرَ عَلَى أَبِيهِمْ حِصَّتُهُ وَقَوْلُهُ خُبَيْبٌ بِالْمُعْجَمَةِ وَالْمُوَحَّدَتَيْنِ مُصَغَّرٌ وَهُوَ أَكْبَرُ وَلَدِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَبِهِ كَانَ يُكَنِّيهِ مَنْ لَا يُرِيدُ تَعْظِيمَهُ لِأَنَّهُ كُنِّيَ فِي الْأَوَّلِ بِكُنْيَةِ جَدِّهِ لِأُمِّهِ أَبِي بَكْرٍ وَقَوْلُهُ خُبَيْبٌ وَعَبَّادٌ بِالرَّفْعِ أَيْ هُمْ خُبَيْبٌ وَعَبَّادٌ وَغَيْرُهُمَا وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِمَا كَالْمِثَالِ وَإِلَّا فَفِي أَوْلَادِهِ أَيْضًا مَنْ سَاوَى بَعْضَ وَلَدِ الزُّبَيْرِ فِي السِّنِّ وَيَجُوزُ جَرُّهُ عَلَى أَنَّهُ بَيَان للْبَعْض وَقَوْلُهُ وَلَهُ أَيْ لِلزُّبَيْرِ وَأَغْرَبَ الْكِرْمَانِيُّ فَجَعَلَهُ ضَمِيرًا لِعَبْدِ اللَّهِ فَلَا يُغْتَرَّ بِهِ وَقَوْلُهُ تِسْعَةُ بَنِينَ وَتِسْعُ بَنَاتٍ فَأَمَّا أَوْلَادُ عَبْدِ اللَّهِ إِذْ ذَاكَ فَهُمْ خُبَيْبٌ وَعَبَّادٌ وَقَدْ ذُكِرَا وَهَاشِمٌ وَثَابِتٌ وَأَمَّا سَائِرُ وَلَدِهِ فَوُلِدُوا بَعْدَ ذَلِكَ وَأَمَّا أَوْلَادُ الزُّبَيْرِ فَالتِّسْعَةُ الذُّكُورُ هُمْ عَبْدُ اللَّهِ وَعُرْوَةُ وَالْمُنْذِرُ أُمُّهُمْ أَسْمَاءُ بنت أبي بكر وَعَمْرو وَخَالِدٌ أُمُّهُمَا أُمُّ خَالِدٍ بِنْتُ خَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ وَمُصْعَبٌ وَحَمْزَةُ أُمُّهُمَا الرَّبَابُ بِنْتُ أَنِيفٍ وَعُبَيْدَةُ وَجَعْفَرٌ أُمُّهُمَا زَيْنَبُ بِنْتُ بِشْرٍ وَسَائِرُ وَلَدِ الزُّبَيْرِ غَيْرُ هَؤُلَاءِ مَاتُوا قَبْلَهُ وَالتِّسْعُ الْإِنَاثُ هُنَّ خَدِيجَةُ الْكُبْرَى وَأُمُّ الْحَسَنِ وَعَائِشَةُ أُمُّهُنَّ أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ وَحَبِيبَةُ وَسَوْدَةُ وَهِنْدٌ أُمُّهُنَّ أُمُّ خَالِدٍ وَرَمْلَةُ أُمُّهَا الرَّبَابُ وَحَفْصَةُ أُمُّهَا زَيْنَبُ وَزَيْنَبُ أُمُّهَا أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ عُقْبَةَ قَوْلُهُ إِلَّا أَرَضِينَ مِنْهَا الْغَابَةُ كَذَا فِيهِ وَصَوَابُهُ مِنْهُمَا بِالتَّثْنِيَةِ وَالْغَابَةُ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ الْخَفِيفَةِ أَرْضٌ عَظِيمَةٌ شَهِيرَةٌ مِنْ عَوَالِي الْمَدِينَةِ قَوْلُهُ وَدَارًا بِمِصْرَ اسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ مِصْرَ فُتِحَتْ صُلْحًا وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ قَوْلِنَا فُتِحَتْ عَنْوَةً امْتِنَاعُ بِنَاءِ أَحَدِ الْغَانِمِينَ وَلَا غَيْرِهِمْ فِيهَا قَوْلُهُ لَا وَلَكِنَّهُ سَلَفٌ أَيْ مَا كَانَ يَقْبِضُ مِنْ أَحَدٍ وَدِيعَةً إِلَّا إِنْ رَضِيَ صَاحِبُهَا أَنْ يَجْعَلَهَا فِي ذِمَّتِهِ وَكَانَ غَرَضُهُ بِذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ يَخْشَى عَلَى الْمَالِ أَنْ يُضَيَّعَ فَيُظَنَّ بِهِ التَّقْصِيرُ فِي حِفْظِهِ فَرَأَى أَنْ يَجْعَلَهُ مَضْمُونًا فَيَكُونُ أَوْثَقَ لِصَاحِبِ الْمَالِ وَأبقى لمروءته زَاد بن بَطَّالٍ وَلِيَطِيبَ لَهُ رِبْحُ ذَلِكَ الْمَالِ قُلْتُ وَرَوَى الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ مِنْ طَرِيقِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ أَنَّ كُلًّا مِنْ عُثْمَانَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَمُطِيعِ بْنِ الْأَسْوَدِ وَأَبِي الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَالْمِقْدَادِ بْنِ عَمْرٍو أَوْصَى إِلَى الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ قَوْلُهُ وَمَا وَلِيَ إِمَارَةً قَطُّ إِلَخْ أَيْ أَنَّ كَثْرَةَ مَالِهِ مَا حَصَلَتْ مِنْ هَذِهِ الْجِهَاتِ الْمُقْتَضِيَةِ لِظَنِّ السَّوْءِ بِأَصْحَابِهَا بَلْ كَانَ كَسْبُهُ مِنَ الْغَنِيمَةِ وَنَحْوِهَا وَقَدْ رَوَى الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ بِإِسْنَادِهِ أَنَّ الزُّبَيْرَ كَانَ لَهُ أَلْفُ مَمْلُوكٍ يُؤَدُّونَ إِلَيْهِ الْخَرَاجَ

الصفحة 230