كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 6)

وَرَوَى يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ مِثْلَهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ قَوْلُهُ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ هُوَ مُتَّصِلٌ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ وَقَوْلُهُ فَحَسَبْتُ بِفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ مِنَ الْحِسَابِ قَوْلُهُ فَلَقِيَ حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ بِالرَّفْعِ عَلَى الْفَاعِلِيَّةِ وَعَبْدَ اللَّهِ بِالنّصب على المفعولية قَالَ بن بَطَّالٍ إِنَّمَا قَالَ لَهُ مِائَةُ أَلْفٍ وَكَتَمَ الْبَاقِيَ لِئَلَّا يَسْتَعْظِمَ حَكِيمٌ مَا اسْتَدَانَ بِهِ الزُّبَيْرُ فَيَظُنُّ بِهِ عَدَمَ الْحَزْمِ وَبِعَبْدِ اللَّهِ عَدَمَ الْوَفَاءِ بِذَلِكَ فَيَنْظُرُ إِلَيْهِ بِعَيْنِ الِاحْتِيَاجِ إِلَيْهِ فَلَمَّا اسْتَعْظَمَ حَكِيمٌ أَمْرَ مِائَةِ أَلْفٍ احْتَاجَ عَبْدُ اللَّهِ أَنْ يَذْكُرَ لَهُ الْجَمِيعَ وَيُعَرِّفَهُ أَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى وَفَائِهِ وَكَانَ حَكِيمُ بن حزَام بن عَم الزبير بن الْعَوام قَالَ بن بَطَّالٍ لَيْسَ فِي قَوْلِهِ مِائَةُ أَلْفٍ وَكِتْمَانِهِ الزَّائِدَ كَذِبٌ لِأَنَّهُ أَخْبَرَ بِبَعْضِ مَا عَلَيْهِ وَهُوَ صَادِقٌ قُلْتُ لَكِنْ مَنْ يَعْتَبِرُ مَفْهُومَ الْعَدَدِ يَرَاهُ إِخْبَارًا بِغَيْرِ الْوَاقِعِ وَلِهَذَا قَالَ بن التِّينِ فِي قَوْلِهِ فَإِنْ عَجَزْتُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاسْتَعِينُوا بِي مَعَ قَوْلِهِ فِي الْأَوَّلِ مَا أَرَاكُمْ تُطِيقُونَ هَذَا بَعْضُ التَّجَوُّزِ وَكَذَا فِي كِتْمَانِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ مَا كَانَ عَلَى أَبِيهِ وَقَدْ رَوَى يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ أَنَّ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ بَذَلَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ مِائَةَ أَلْفٍ إِعَانَةً لَهُ عَلَى وَفَاءِ دَيْنِ أَبِيهِ فَامْتَنَعَ فَبَذَلَ لَهُ مِائَتَيْ أَلْفٍ فَامْتَنَعَ إِلَى أَرْبَعِمِائَةِ أَلْفٍ ثُمَّ قَالَ لَمْ أُرِدْ مِنْكَ هَذَا وَلَكِنْ تَنْطَلِقُ مَعِي إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ فَانْطَلَقَ مَعَهُ وَبِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ يَسْتَشْفِعُ بِهِمْ عَلَيْهِ فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالَ أَجِئْتَ بِهَؤُلَاءِ تَسْتَشْفِعُ بِهِمْ عَلَيَّ هِيَ لَكَ قَالَ لَا أُرِيدُ ذَلِكَ قَالَ فَأَعْطِنِي بِهَا نَعْلَيْكَ هَاتَيْنِ أَوْ نَحْوَهَا قَالَ لَا أُرِيدُ قَالَ فَهِيَ عَلَيْكَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ قَالَ لَا قَالَ فَحُكْمُكَ قَالَ أُعْطِيكَ بِهَا أَرْضًا فَقَالَ نَعَمْ فَأَعْطَاهُ قَالَ فَرَغِبَ مُعَاوِيَةُ فِيهَا فَاشْتَرَاهَا مِنْهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ وَكَانَ الزُّبَيْرُ اشْتَرَى الْغَابَةَ بِسَبْعِينَ وَمِائَة ألف فَبَاعَهَا عبد الله أَي بن الزُّبَيْرِ بِأَلْفِ أَلْفٍ وَسِتِّمِائَةِ أَلْفٍ كَأَنَّهُ قَسَمَهَا سِتَّةَ عَشَرَ سَهْمًا لِأَنَّهُ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ لِمُعَاوِيَةَ إِنَّهَا قُوِّمَتْ كُلُّ سَهْمٍ بِمِائَةِ أَلْفٍ قَوْلُهُ فَأَتَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ أَيِ بن أَبِي طَالِبٍ قَوْلُهُ وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ أَيِ بن الزُّبَيْرِ قَوْلُهُ فَبَاعَ مِنْهَا أَيْ مِنَ الْغَابَةِ وَالدُّورِ لَا مِنَ الْغَابَةِ وَحْدَهَا لِأَنَّهُ تَقَدَّمَ أَنَّ الدَّيْنَ أَلْفُ أَلْفٍ وَمِائَتَا أَلْفٍ وَأَنَّهُ بَاعَ الْغَابَةَ بِأَلْفِ أَلْفٍ وَسِتِّمِائَةِ أَلْفٍ وَقَدْ جَاءَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ أَنَّهُ بَاعَ نَصِيبَ الزُّبَيْرِ مِنَ الْغَابَةِ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ فِي دَيْنِهِ فَذَكَرَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ فِي تَرْجَمَةِ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ عَنْ عَمِّهِ مُصْعَبِ بن عبد الله بْنِ ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ قُتِلَ أَبِي وَتَرَكَ دَيْنًا كَثِيرًا فَأَتَيْتُ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ أَسْتَعِينُ بِرَأْيِهِ وَأَسْتَشِيرُهُ فَذكر قصَّة وفيهَا فَقَالَ بن أَخِي ذَكَرْتَ دَيْنَ أَبِيكَ فَإِنْ كَانَ تَرَكَ مِائَةَ أَلْفٍ فَنِصْفُهَا عَلَيَّ قُلْتُ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ إِلَى أَنْ قَالَ لِلَّهِ أَنْتَ كَمْ تَرَكَ أَبُوكَ قَالَ فَذَكَرْتُ لَهُ أَنَّهُ تَرَكَ أَلْفَيْ أَلْفٍ قَالَ مَا أَرَادَ أَبُوكَ إِلَّا أَنْ يَدَعَنَا عَالَةً قُلْتُ فَإِنَّهُ تَرَكَ وَفَاءً وَإِنَّمَا جِئْتُ أَسْتَشِيرُكَ فِيهَا بِسَبْعِمِائَةِ أَلْفٍ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ وَلَهُ شِرْكٌ فِي الْغَابَةِ فَقَالَ اذْهَبْ فَقَاسِمْهُ فَإِنْ سَأَلَكَ الْبَيْعَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ فَلَا تَبِعْهُ ثُمَّ اعْرِضْ عَلَيْهِ فَإِنْ رَغِبَ فَبِعْهُ قَالَ فَجِئْتُ فَجَعَلَ أَمْرَ الْقِسْمَةِ إِلَيَّ فَقَسَمْتُهَا وَقُلْتُ اشْتَرِ مِنِّي إِنْ شِئْتَ فَقَالَ قَدْ كَانَ لِي دَيْنٌ وَقَدْ أَخَذْتُهَا مِنْكَ بِهِ قَالَ قُلْتُ هِيَ لَكَ فَبَعَثَ مُعَاوِيَةُ فَاشْتَرَاهَا كُلَّهَا مِنْهُ بِأَلْفَيْ أَلْفٍ وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِإِطْلَاقِ الْكُلِّ عَلَى الْمُعْظَمِ فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ كَانَ بَقِيَ مِنْهَا بِغَيْرِ بَيْعٍ أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ وَنِصْفٌ بِأَرْبَعِمِائَةِ أَلْفٍ وَخَمْسِينَ أَلْفًا فَيَكُونُ الْحَاصِلُ مِنْ ثَمَنِهَا إِذْ ذَاكَ أَلْفُ أَلْفٍ ومائه ألف وَخمسين أَلْفًا خَاصَّةً فَيَبْقَى مِنَ الدَّيْنِ أَلْفُ أَلْفٍ وَخَمْسُونَ أَلْفًا وَكَأَنَّهُ بَاعَ بِهَا شَيْئًا مِنَ الدُّورِ وَقَدْ وَقَعَ عِنْدَ أَبِي نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ عَنْ هِشَامٍ

الصفحة 231