كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 6)

بْنِ عُرْوَةَ قَالَ تُوُفِّيَ الزُّبَيْرُ وَتَرَكَ عَلَيْهِ مِنَ الدَّيْنِ أَلْفَيْ أَلْفٍ فَضَمِنَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ فَأَدَّاهَا وَلَمْ تَقَعْ فِي التَّرِكَةِ دَارُهُ الَّتِي بِمَكَّةَ وَلَا الَّتِي بِالْكُوفَةِ وَلَا الَّتِي بِمِصْرَ هَكَذَا أَوْرَدَهُ مُخْتَصَرًا فَأَفَادَ أَنَّهُ كَانَ لَهُ دَارٌ بِمَكَّةَ وَلَمْ يَقَعْ ذِكْرُهَا فِي الْحَدِيثِ الطَّوِيلِ وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ مَا أَوَّلْتُهُ لِأَنَّهُ تَقَدَّمَ أَنَّهُ كَانَ لَهُ إِحْدَى عَشْرَةَ دَارًا بِالْمَدِينَةِ وَدَارَانِ بِالْبَصْرَةِ غَيْرُ مَا ذُكِرَ وَرَوَى أَبُو الْعَبَّاسِ السَّرَّاجُ فِي تَارِيخِهِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي السَّفَرِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ بِسَنَدِهِ الْمَذْكُورِ قَالَ لَمَّا قَدِمَ يَعْنِي عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ مَكَّةَ فَاسْتَقَرَّ عِنْدَهُ أَيْ ثَبَتَ قَتْلُ الزُّبَيْرِ نَظَرَ فِيمَا عَلَيْهِ مِنَ الدَّيْنِ فَجَاءَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ فَقَالَ إِنَّهُ كَانَ لِي عَلَى أَخِي شَيْءٌ وَلَا أَحْسَبُهُ تَرَكَ بِهِ وَفَاءً أَفَتُحِبُّ أَنْ أَجْعَلَهُ فِي حل فَقَالَ لَهُ بن الزُّبَيْرِ وَكَمْ هُوَ قَالَ أَرْبَعُمِائَةِ أَلْفٍ قَالَ فَإِنَّهُ تَرَكَ بِهَا وَفَاءً بِحَمْدِ اللَّهِ قَوْلُهُ فَقَدِمَ عَلَى مُعَاوِيَةَ أَيْ فِي خِلَافَتِهِ وَهَذَا فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّهُ أَخَّرَ الْقِسْمَةَ أَرْبَعَ سِنِينَ اسْتِبْرَاءً لِلدَّيْنِ كَمَا سَيَأْتِي فَيَكُونُ آخِرُ الْأَرْبَعِ سَنَةَ أَرْبَعِينَ وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَجْتَمِعَ النَّاسُ عَلَى مُعَاوِيَةَ فَلَعَلَّ هَذَا الْقَدْرَ من الغابة كَانَ بن الزُّبَيْرِ أَخَذَهُ مِنْ حِصَّتِهِ أَوْ مِنْ نَصِيبِ أَوْلَادِهِ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ فِي سِيَاقِ الْقِصَّةِ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ هَذَا الْقَدْرَ دَارَ بَيْنَهُمْ بَعْدَ وَفَاءِ الدَّيْنِ وَلَا يَمْنَعُهُ قَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَمَّا فَرَغَ عَبْدُ اللَّهِ مِنْ قَضَاءِ الدَّيْنِ لِأَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّ قِصَّةَ وِفَادَتِهِ عَلَى مُعَاوِيَةَ كَانَتْ بَعْدَ وَفَاءِ الدَّيْنِ وَمَا اتَّصَلَ بِهِ مِنْ تَأَخُّرِ الْقِسْمَةِ بَيْنَ الْوَرَثَةِ لِاسْتِبْرَاءِ بَقِيَّةِ مَنْ لَهُ دَيْنٌ ثُمَّ وَفَدَ بَعْدَ ذَلِكَ وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ الْإِشْكَالُ الْمُتَقَدِّمُ وَتَكُونُ وِفَادَتُهُ عَلَى مُعَاوِيَةَ فِي خِلَافَتِهِ جَزْمًا وَاللَّهُ أعلم قَوْله وَقَالَ بن زَمْعَةَ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ قَدْ أَخَذْتُ سَهْمًا مِائَةَ أَلْفٍ هُوَ بِنَصْبِ مِائَةٍ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ قَوْلُهُ فَبَاعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ نَصِيبَهُ مِنْ مُعَاوِيَةَ أَيْ بَعْدَ ذَلِكَ بِسِتِّمِائَةِ أَلْفٍ أَيْ فَرَبِحَ مِائَتَيْ أَلْفٍ قَوْلُهُ وَكَانَ لِلزُّبَيْرِ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ أَيْ مَاتَ عَنْهُنَّ وَهُنَّ أُمُّ خَالِدٍ وَالرَّبَابُ وَزَيْنَبُ الْمَذْكُورَاتُ قَبْلُ وَعَاتِكَةُ بِنْتُ زَيْدٍ أُخْتُ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ أَحَدِ الْعَشَرَةِ وَأَمَّا أَسْمَاءُ وَأُمُّ كُلْثُومٍ فَكَانَ طَلَّقَهُمَا وَقِيلَ أَعَادَ أَسْمَاءَ وَطَلَّقَ عَاتِكَةَ فَقُتِلَ وَهِيَ فِي عِدَّتِهَا مِنْهُ فَصُولِحَتْ كَمَا سَيَأْتِي قَوْلُهُ وَرَفَعَ الثُّلُثَ أَيِ الْمُوصَى بِهِ قَوْلُهُ فَأَصَابَ كُلَّ امْرَأَةٍ أَلْفُ أَلْفٍ وَمِائَتَا أَلْفٍ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الثَّمَنَ كَانَ أَرْبَعَةَ آلَافِ أَلْفٍ وَثَمَانِمِائَةِ أَلْفٍ قَوْلُهُ فَجَمِيعُ مَالِهِ خَمْسُونَ أَلْفِ أَلْفٍ وَمِائَتَا أَلْفٍ فِي رِوَايَةِ أَبِي نُعَيْمٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي مَسْعُودٍ الرَّاوِي عَنْ أَبِي أُسَامَةَ أَنَّ مِيرَاثَ الزُّبَيْرِ قُسِمَ عَلَى خَمْسِينَ أَلْفِ أَلْفٍ وَمِائَتَيْ أَلْفٍ وَنَيِّفٍ زَادَ عَلَى رِوَايَةِ إِسْحَاقَ وَنَيِّفٍ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ لِكُلِّ زَوْجَةٍ أَلْفُ أَلْفٍ وَمِائَتَا أَلْفٍ فَنَصِيبُ الْأَرْبَعِ أَرْبَعَةُ آلَافِ أَلْفٍ وَثَمَانِمِائَةِ أَلْفٍ وَهَذَا هُوَ الثُّمُنُ وَيَرْتَفِعُ مِنْ ضَرْبِهِ فِي ثَمَانِيَةٍ وَثَلَاثُونَ أَلْفَ أَلْفٍ وَأَرْبَعُمِائَةِ أَلْفٍ وَهَذَا الْقَدْرُ هُوَ الثُّلُثَانِ فَإِذَا ضُمَّ إِلَيْهِ الثُّلُثُ الْمُوصَى بِهِ وَهُوَ قَدْرُ نِصْفِ الثُّلُثَيْنِ وَجُمْلَتُهُ تِسْعَةَ عَشَرَ أَلْفَ أَلْفٍ وَمِائَتَا أَلْفٍ كَانَ جُمْلَةُ مَالِهِ عَلَى هَذَا سَبْعَةً وَخَمْسِينَ أَلْفَ أَلْفٍ وَسِتَّمِائَةِ أَلْفٍ وَقَدْ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ قَدِيما بن بَطَّالٍ وَلَمْ يُجِبْ عَنْهُ لَكِنَّهُ وَهِمَ فَقَالَ وَتِسْعمِائَة ألف وَتعقبه بن الْمُنِيرِ فَقَالَ الصَّوَابُ وَسِتُّمِائَةِ أَلْفٍ وَهُوَ كَمَا قَالَ بن التِّينِ نَقَصَ عَنِ التَّحْرِيرِ سَبْعَةَ آلَافِ أَلْفٍ وَأَرْبَعَمِائَةِ أَلْفٍ يَعْنِي خَارِجًا عَنْ قَدْرِ الدَّيْنِ وَهُوَ كَمَا قَالَ وَهَذَا تَفَاوُتٌ شَدِيدٌ فِي الْحِسَابِ وَقَدْ سَاقَ الْبَلَاذُرِيُّ فِي تَارِيخِهِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْأَسْوَدِ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ بِسَنَدِهِ فَقَالَ فِيهِ وَكَانَ لِلزُّبَيْرِ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ فَأَصَابَ كُلَّ امْرَأَةٍ مِنْ ثَمَنِ عَقَارَاتِهِ أَلْفُ أَلْفٍ وَمِائَةُ أَلْفٍ وَكَانَ الثَّمَنُ أَرْبَعَةُ آلَافِ أَلْفٍ وَأَرْبَعُمِائَةِ أَلْفٍ وَكَانَ ثُلُثَا الْمَالِ الَّذِي اقْتَسَمَهُ الْوَرَثَةُ خَمْسَةً وَثَلَاثِينَ ألف ألف ومائتي ألف وَكَذَلِكَ أخرجه بن سَعْدٍ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ فَعَلَى هَذَا إِذَا انْضَمَّ إِلَيْهِ نِصْفُهُ وَهُوَ سَبْعَةَ عَشَرَ أَلْفَ أَلْفٍ وَسِتُّمِائَةِ أَلْفٍ كَانَ جَمِيعُ الْمَالِ اثْنَيْنِ وَخَمْسِينَ أَلْفَ أَلْفٍ وَثَمَانِمِائَةِ أَلْفٍ فَيَزِيدُ عَمَّا وَقَعَ فِي الْحَدِيثِ أَلْفَيْ أَلْفٍ وَسِتَّمِائَةِ أَلْفٍ وَهُوَ أَقْرَبُ مِنَ الْأَوَّلِ

الصفحة 232