كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 6)

(قَوْلُهُ بَابُ الْجَنَّةِ تَحْتَ بَارِقَةِ السُّيُوفِ)
هُوَ مِنْ إِضَافَةِ الصِّفَةِ إِلَى الْمَوْصُوفِ وَقَدْ تُطْلَقُ الْبَارِقَةُ وَيُرَادُ بِهَا نَفْسُ السَّيْفِ فَتَكُونُ الْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةً وَقَدْ أَوْرَدَهُ بِلَفْظِ تَحْتَ ظِلَالِ السُّيُوفِ وَكَأَنَّهُ أَشَارَ بِالتَّرْجَمَةِ إِلَى حَدِيثِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ فَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ أَنَّهُ قَالَ يَوْمَ صِفِّينَ الْجَنَّةُ تَحْتَ الْأَبَارِقَةِ كَذَا وَقَعَ فِيهِ وَالصَّوَابُ الْبَارِقَةُ وَهِيَ السُّيُوفُ اللَّامِعَةُ وَكَذَا وَقَعَ عَلَى الصَّوَابِ فِي تَرْجَمَة عمار من طَبَقَات بن سَعْدٍ وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ بِإِسْنَادٍ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ مِنْ مُرْسَلِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ مَرْفُوعًا الْجَنَّةُ تَحْتَ الْأَبَارِقَةِ وَيُمْكِنُ تَخْرِيجُهُ عَلَى مَا قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ الْأَبَارِقَةُ جَمْعُ إِبْرِيقٍ وَسُمِّيَ السَّيْفُ إِبْرِيقًا فَهُوَ إِفْعِيلٌ مِنَ الْبَرِيقِ وَيُقَالُ أَبْرَقَ الرَّجُلُ بِسَيْفِهِ إِذَا لَمَعَ بِهِ وَالْبَارِقَةُ اللمعان قَالَ بن الْمُنِيرِ كَأَنَّ الْبُخَارِيَّ أَرَادَ أَنَّ السُّيُوفَ لَمَّا كَانَتْ لَهَا بَارِقَةٌ كَانَ لَهَا أَيْضًا ظِلٌّ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ وَهُوَ مِنَ الْكَلَامِ النَّفِيسِ الْجَامِعِ الْمُوجَزِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى ضُرُوبٍ مِنَ الْبَلَاغَةِ مَعَ الوَجَازَةِ وَعُذُوبَةِ اللَّفْظِ فَإِنَّهُ أَفَادَ الْحَضَّ عَلَى الْجِهَادِ وَالْإِخْبَارَ بِالثَّوَابِ عَلَيْهِ وَالْحَضَّ عَلَى مُقَارَبَةِ الْعَدُوِّ وَاسْتِعْمَالَ السُّيُوفِ وَالِاجْتِمَاعَ حِينَ الزَّحْفِ حَتَّى تصير السيوف تظل المتقاتلين وَقَالَ بن الْجَوْزِيِّ الْمُرَادُ أَنَّ الْجَنَّةَ تَحْصُلُ بِالْجِهَادِ وَالظِّلَالِ جَمْعُ ظِلٍّ وَإِذَا تَدَانَى الْخَصْمَانِ صَارَ كُلٌّ مِنْهُمَا تَحْتَ ظِلِّ سَيْفِ صَاحِبِهِ لِحِرْصِهِ عَلَى رَفْعِهِ عَلَيْهِ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا عِنْدَ الْتِحَامِ الْقِتَالِ قَوْلُهُ وَقَالَ الْمُغِيرَةُ إِلَخْ هُوَ طَرَفٌ مِنْ حَدِيثٍ طَوِيلٍ وَصَلَهُ الْمُصَنِّفُ بِتَمَامِهِ فِي الْجِزْيَةِ وَقَوْلُهُ هُنَا عَنْ رِسَالَةِ رَبِّنَا ثَبَتَ لِلْكُشْمِيهَنِيِّ وَحْدَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ فِي الطَّرِيقِ الْمَوْصُولَةِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ حُذِفَ هُنَا اخْتِصَارًا قَوْلُهُ وَقَالَ عُمَرُ إِلَخْ هُوَ طَرَفٌ مِنْ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ فِي قِصَّةِ عُمْرَةِ الْحُدَيْبِيَةِ وَسَيَأْتِي بِتَمَامِهِ مَوْصُولًا فِي

الصفحة 33