كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 6)

(قَوْلُهُ بَابُ وُجُوبِ النَّفِيرِ)
بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْفَاءِ أَيِ الْخُرُوجُ إِلَى قِتَالِ الْكُفَّارِ وَأَصْلُ النَّفِيرِ مُفَارَقَةُ مَكَانٍ إِلَى مَكَانٍ لِأَمْرٍ حَرَّكَ ذَلِكَ قَوْلُهُ وَمَا يَجِبُ مِنَ الْجِهَادِ وَالنِّيَّةِ أَيْ وَبَيَانُ الْقَدْرِ الْوَاجِبِ مِنَ الْجِهَادِ وَمَشْرُوعِيَّةُ النِّيَّةِ فِي ذَلِكَ وَلِلنَّاسِ فِي الْجِهَادِ حَالَانِ إِحْدَاهُمَا فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْأُخْرَى بَعْدَهُ فَأَمَّا الْأُولَى فَأَوَّلُ مَا شُرِّعَ الْجِهَادُ بَعْدَ الْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ إِلَى الْمَدِينَةِ اتِّفَاقًا ثُمَّ بَعْدَ أَنْ شُرِّعَ هَلْ كَانَ فَرْضَ عَيْنٍ أَوْ كِفَايَةٍ قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ لِلْعُلَمَاءِ وَهُمَا فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ كَانَ عَيْنًا عَلَى الْمُهَاجِرِينَ دُونَ غَيْرِهِمْ وَيُؤَيِّدُهُ وُجُوبُ الْهِجْرَةِ قَبْلَ الْفَتْحِ فِي حَقِّ كُلِّ مَنْ أَسْلَمَ إِلَى الْمَدِينَةِ لِنَصْرِ الْإِسْلَامِ وَقَالَ السُّهَيْلِيُّ كَانَ عَيْنًا عَلَى الْأَنْصَارِ دُونَ غَيْرِهِمْ وَيُؤَيِّدُهُ مُبَايَعَتهمْ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ عَلَى أَن يؤوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَنْصُرُوهُ فَيُخْرَجُ مِنْ قَوْلِهمَا أَنَّهُ كَانَ عَيْنًا عَلَى الطَّائِفَتَيْنِ كِفَايَةٌ فِي حَقِّ غَيْرِهِمْ وَمَعَ ذَلِكَ فَلَيْسَ فِي حَقِّ الطَّائِفَتَيْنِ عَلَى التَّعْمِيمِ بَلْ فِي حَقِّ الْأَنْصَارِ إِذَا طَرَقَ الْمَدِينَةَ طَارِقٌ وَفِي حَقِّ الْمُهَاجِرِينَ إِذَا أُرِيدَ قِتَالُ أَحَدٍ مِنَ الْكُفَّارِ ابْتِدَاءً وَيُؤَيِّدُ هَذَا مَا وَقَعَ فِي قصَّة بدر فِيمَا ذكره بن إِسْحَاقَ فَإِنَّهُ كَالصَّرِيحِ فِي ذَلِكَ وَقِيلَ كَانَ عَيْنًا فِي الْغَزْوَةِ الَّتِي يَخْرُجُ فِيهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دُونَ غَيْرِهَا وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهُ كَانَ عَيْنًا عَلَى مَنْ عَيَّنَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَقِّهِ وَلَوْ لَمْ يَخْرُجْ الْحَالُ الثَّانِي بَعْدَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ عَلَى الْمَشْهُورِ إِلَّا أَنْ تَدْعُو الْحَاجَةُ إِلَيْهِ

الصفحة 37