كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 6)

الْجِهَادَ أَفْضَلَ الْأَعْمَالِ الرَّابِعُ

[2785] قَوْلُهُ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ كَذَا لِلْأَكْثَرِ غَيْرُ مَنْسُوبٌ وللأصيلي وبن عَسَاكِرَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ وَأَمَّا أَبُو عَلِيٍّ الْجَيَّانِيُّ فَقَالَ لَمْ أَرَهُ مَنْسُوبًا لِأَحَدٍ وَهُوَ إِمَّا بن رَاهَوَيْه أَو بن مَنْصُورٍ قَوْلُهُ جَاءَ رَجُلٌ لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ قَوْلُهُ قَالَ لَا أَجِدُهُ هُوَ جَوَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَوْلُهُ قَالَ هَلْ تَسْتَطِيعُ كَلَامٌ مُسْتَأْنَفٌ وَلِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ بِلَفْظِ قِيلَ مَا يَعْدِلُ الْجِهَادَ قَالَ لَا تَسْتَطِيعُونَهُ فَأَعَادُوا عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً كُلُّ ذَلِكَ يَقُولُ لَا تَسْتَطِيعُونَهُ وَقَالَ فِي الثَّالِثَةِ مَثَلُ الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الْحَدِيثَ وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ نَحْوَ هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَبِيهِ وَقَالَ فِي آخِرِهِ لَمْ يَبْلُغِ الْعُشْرَ مِنْ عَمَلِهِ وَسَيَأْتِي بَقِيَّةُ الْكَلَامِ عَلَيْهِ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ قَوْلُهُ قَالَ وَمَنْ يَسْتَطِيعُ ذَلِكَ فِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ سُفْيَانَ قَالَ لَا أَسْتَطِيعُ ذَلِكَ وَهَذِهِ فَضِيلَةٌ ظَاهِرَةٌ لِلْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَقْتَضِي أَنْ لَا يَعْدِلَ الْجِهَادَ شَيْءٌ مِنَ الْأَعْمَالِ وَأَمَّا مَا تقدم فِي كتاب الْعِيدَيْنِ من حَدِيث بن عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا مَا الْعَمَلُ فِي أَيَّامٍ أَفْضَلَ مِنْهُ فِي هَذِهِ يَعْنِي أَيَّامَ الْعَشْرِ قَالُوا ولاالجهاد فِي سَبِيل الله قَالَ ولاالجهاد فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عُمُومُ حَدِيثِ الْبَابِ خُصَّ بِمَا دلّ عَلَيْهِ حَدِيث بن عَبَّاسٍ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْفَضْلُ الَّذِي فِي حَدِيثِ الْبَابِ مَخْصُوصًا بِمَنْ خَرَجَ قَاصِدًا الْمُخَاطَرَةَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَأُصِيبَ كَمَا فِي بَقِيَّةِ حَدِيثِ بن عَبَّاسٍ خَرَجَ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ فَمَفْهُومُهُ أَنَّ مَنْ رَجَعَ بِذَلِكَ لَا يَنَالُ الْفَضِيلَةَ الْمَذْكُورَةَ لَكِنْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا وَقع فِي آخر حَدِيث الْبَاب وَتَوَكَّلَ اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِ إِلَخْ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْفَضْلَ الْمَذْكُورَ أَوَّلًا خَاصٌّ بِمَنْ لَمْ يَرْجِعْ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ لَا يَكُونَ لِمَنْ يَرْجِعُ أَجْرٌ فِي الْجُمْلَةِ كَمَا سَيَأْتِي الْبَحْثُ فِيهِ فِي الَّذِي بَعْدَهُ وَأَشَدُّ مِمَّا تَقَدَّمَ فِي الْإِشْكَالِ مَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وبن مَاجَهْ وَأَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ مَرْفُوعًا أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ وَأَزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ وَأَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ وَخَيْرٍ لَكُمْ مِنْ إِنْفَاقِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ وَخَيْرٍ لَكُمْ مِنْ أَنْ تَلْقَوْا عَدُوَّكُمْ فَتَضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ وَيَضْرِبُوا أَعْنَاقَكُمْ قَالُوا بَلَى قَالَ ذِكْرُ اللَّهِ فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الذِّكْرَ بِمُجَرَّدِهِ أَفْضَلُ مِنْ أَبْلَغِ مَا يَقَعُ لِلْمُجَاهِدِ وَأَفْضَلُ مِنَ الْإِنْفَاقِ مَعَ مَا فِي الْجِهَادِ وَالنَّفَقَةِ مِنَ النَّفْعِ الْمُتَعَدِّي قَالَ عِيَاضٌ اشْتَمَلَ حَدِيثُ الْبَابِ عَلَى تَعْظِيمِ أَمْرِ الْجِهَادِ لِأَنَّ الصِّيَامَ وَغَيْرَهُ مِمَّا ذَكَرَ مِنْ فَضَائِلِ الْأَعْمَالِ قَدْ عَدَلَهَا كُلَّهَا الْجِهَادُ حَتَّى صَارَتْ جَمِيعُ حَالَاتِ الْمُجَاهِدِ وَتَصَرُّفَاتِهِ الْمُبَاحَةِ مُعَادِلَةً لِأَجْرِ الْمُوَاظِبِ عَلَى الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا وَلِهَذَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَسْتَطِيعُ ذَلِك وَفِيه أَن الْفَضَائِل لاتدرك بِالْقِيَاسِ وَإِنَّمَا هِيَ إِحْسَانٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لِمَنْ شَاءَ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْجِهَادَ أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ مُطْلَقًا لِمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ وَقَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ الْقِيَاسُ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الْجِهَادُ أَفْضَلَ الْأَعْمَالِ الَّتِي هِيَ وَسَائِلُ لِأَنَّ الْجِهَادَ وَسِيلَةٌ إِلَى إِعْلَانِ الدِّينِ وَنَشْرِهِ وَإِخْمَادِ الْكُفْرِ وَدَحْضِهِ فَفَضِيلَتُهُ بِحَسَبِ فَضِيلَةِ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ إِنَّ فَرَسَ الْمُجَاهِدِ لَيَسْتَنُّ أَيْ يَمْرَحُ بِنَشَاطٍ وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ هُوَ أَنْ يَرْفَعَ يَدَيْهِ وَيَطْرَحَهُمَا مَعًا وَقَالَ غَيْرُهُ أَنْ يَلِجَ فِي عَدْوِهِ مُقْبِلًا أَوْ مُدْبِرًا وَفِي الْمَثَلِ اسْتَنَّتِ الْفِصَالُ حَتَّى الْقَرْعَى يُضْرَبُ لِمَنْ يَتَشَبَّهَ بِمَنْ هُوَ فَوْقَهُ وَقَوْلُهُ فِي طِوَلِهِ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْوَاوِ وَهُوَ الْحَبْلُ الَّذِي يُشَدُّ بِهِ الدَّابَّةُ وَيُمْسَكُ طَرَفُهُ وَيُرْسَلُ فِي الْمَرْعَى وَقَوْلُهُ فَيَكْتُبُ لَهُ حَسَنَاتٍ بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ ثَانٍ أَيْ يَكْتُبُ لَهُ الِاسْتِنَانَ حَسَنَاتٍ وَهَذَا الْقَدْرُ ذَكَرَهُ أَبُو حُصَيْنٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ هَكَذَا مَوْقُوفًا وَسَيَأْتِي بَعْدَ بِضْعَةٍ وَأَرْبَعِينَ بَابًا فِي

الصفحة 5