كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 6)
يَطْلُبُ أَجْرَهُ فَقُلْتُ لَهُ اعْمَدْ إِلَى تِلْكَ الْبَقَرِ فَسُقْهَا وَفِي رِوَايَةِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ فَزَرَعْتُهُ حَتَّى اشْتَرَيْتُ مِنْهُ بَقَرًا وَرَاعِيَهَا وَفِيهِ فَقَالَ أَتَسْتَهْزِئُ بِي فَقُلْتُ لَا وَفِي رِوَايَةِ أَبِي ضَمْرَةَ فَأَخَذَهَا وَفِي رِوَايَةِ سَالِمٍ فَثَمَّرْتُ أَجْرَهُ حَتَّى كَثُرَتْ مِنْهُ الْأَمْوَالُ وَفِيهِ فَقُلْتُ لَا وَفِي رِوَايَةِ أَبِي ضَمْرَةَ فَأَخَذَهَا وَفِي رِوَايَةِ سَالِمٍ فَثَمَّرْتُ أَجْرَهُ حَتَّى كَثُرَتْ مِنْهُ الْأَمْوَالُ وَفِيهِ فَقُلْتُ لَهُ كُلُّ مَا تَرَى مِنَ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَالرَّقِيقِ مِنْ أَجْرِكَ وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ مِنْ أَجْلِكَ وَفِيهِ فَاسْتَاقَهُ فَلَمْ يَتْرُكْ مِنْهُ شَيْئًا وَدَلَّتْ هَذِهِ الرِّوَايَةُ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ فِي رِوَايَةِ نَافِعٍ اشْتَرَيْتُ بَقَرًا أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ أَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِ غَيْرَهَا وَإِنَّمَا كَانَ الْأَكْثَرُ الْأَغْلَبُ الْبَقَرُ فَلِذَلِكَ اقْتَصَرَ عَلَيْهَا وَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ جَمِيعًا فَجَمَعْتُهُ وَثَمَّرَتُهُ حَتَّى كَانَ مِنْهُ كُلُّ الْمَالِ وَقَالَ فِيهِ فَأَعْطَيْتُهُ ذَلِكَ كُلَّهُ وَلَوْ شِئْتُ لَمْ أُعْطِهِ إِلَّا الْأَجْرَ الْأَوَّلَ وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى أَنَّهُ دَفَعَ إِلَيْهِ عَشَرَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ قِيمَةَ الْأَشْيَاءِ الْمَذْكُورَةِ وَفِي حَدِيثِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ فَبَذَرْتُهُ عَلَى حِدَةٍ فَأَضْعَفَ ثُمَّ بَذَرْتُهُ فَأَضْعَفَ حَتَّى كَثُرَ الطَّعَامُ وَفِيهِ فَقَالَ أَتَظْلِمُنِي وَتَسْخَرُ بِي وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ ثُمَّ مَرَّتْ بِي بَقَرٌ فَاشْتَرَيْتُ مِنْهَا فَصِيلَةً فَبَلَغَتْ مَا شَاءَ اللَّهُ وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا مُمْكِنٌ بِأَنْ يَكُونَ زَرَعَ أَوَّلًا ثُمَّ اشْتَرَى مِنْ بَعْضِهِ بَقَرَةً ثُمَّ نُتِجَتْ قَوْلُهُ فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ مِنْ خَشْيَتِكَ وَفِي رِوَايَةِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ وَكَذَا فِي رِوَايَةِ سَالِمٍ وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا مُمْكِنٌ وَقَدْ وَقَعَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ مِنْ مَخَافَتِكَ وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِكَ وَفِي حَدِيثِ النُّعْمَانِ رَجَاءَ رَحْمَتِكَ وَمَخَافَةَ عَذَابِكَ قَوْلُهُ فَفَرِّجْ عَنَّا فِي رِوَايَةِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ فَافْرُجْ بِوَصْلٍ وَضَمِّ الرَّاءِ مِنَ الثُّلَاثِيِّ وَضَبَطَهُ بَعْضُهُمْ بِهَمْزَةٍ وَكَسْرِ الرَّاءِ مِنَ الرُّبَاعِيِّ وَزَادَ فِي رِوَايَتِهِ فَأَفْرِجْ عَنَّا فُرْجَةً نَرَى مِنْهَا السَّمَاءَ وَفِيهِ تَقْيِيدٌ لِإِطْلَاقِ قَوْلِهِ فِي رِوَايَةِ سَالِمٍ فَفَرِّجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيهِ وَقَوْلُهُ قَالَ فَفُرِّجَ عَنْهُمْ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي ضَمْرَةَ فَفَرَّجَ اللَّهُ فَرَأَوُا السَّمَاءَ وَلِمُسْلِمٍ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فَفَرَّجَ اللَّهُ مِنْهَا فُرْجَةً فَرَأَوْا مِنْهَا السَّمَاءَ قَوْلُهُ فَانْسَاخَتْ عَنْهُمُ الصَّخْرَةُ أَيِ انْشَقَّتْ وَأَنْكَرَهُ الْخَطَّابِيُّ لِأَنَّ مَعْنَى انْسَاخَ بِالْمُعْجَمَةِ غَابَ فِي الْأَرْضِ وَيُقَالُ انْصَاخَ بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ بَدَلَ السِّينِ أَيِ انْشَقَّ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ قَالَ وَالصَّوَابُ انْسَاحَتْ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ أَيِ اتَّسَعَتْ وَمِنْهُ سَاحَةُ الدَّارِ قَالَ وَانْصَاحَ بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ بَدَلَ السِّينِ أَيْ تَصَدَّعَ يُقَالُ ذَلِكَ لِلْبَرْقِ قُلْتُ الرِّوَايَةُ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ صَحِيحَةٌ وَهِيَ بِمَعْنَى انْشَقَّتْ وَإِنْ كَانَ أَصْلُهُ بِالصَّادِ فَالصَّادُ قَدْ تُقْلَبُ سِينًا وَلَا سِيَّمَا مَعَ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ كَالصَّخْرِ وَالسَّخْرِ وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ سَالِمٍ فَانْفَرَجَتْ شَيْئًا لَا يَسْتَطِيعُونَ الْخُرُوجَ وَفِي حَدِيثِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ فَانْصَدَعَ الْجَبَلُ حَتَّى رَأَوُا الضَّوْءَ وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ فَانْصَدَعَ الْجَبَلُ حَتَّى طَمِعُوا فِي الْخُرُوجِ وَلَمْ يَسْتَطِيعُوا وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَنَسٍ فَزَالَ ثُلُثُ الْحَجَرِ قَوْلُهُ فَقَالَ الْآخَرُ اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ لِي كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَلِأَبِي ذَرٍّ بِحَذْفِ أَنَّهُ قَوْلُهُ أَبَوَانِ هُوَ مِنَ التَّغْلِيبِ وَالْمُرَادُ الْأَبُ وَالْأُمُّ وَصُرِّحَ بذلك فِي حَدِيث بن أَبِي أَوْفَى قَوْلُهُ شَيْخَانِ كَبِيرَانِ زَادَ فِي رِوَايَةِ أَبِي ضَمْرَةَ عَنْ مُوسَى وَلِي صِبْيَةٌ صِغَارٌ فَكُنْتُ أَرْعَى عَلَيْهِمْ وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ أَبَوَانِ ضَعِيفَانِ فَقِيرَانِ لَيْسَ لَهُمَا خَادِمٌ وَلَا رَاعٍ وَلَا وَلِيٌّ غَيْرِي فَكُنْتُ أَرْعَى لَهُمَا بِالنَّهَارِ وَآوِي إِلَيْهِمَا بِاللَّيْلِ قَوْلُهُ فَأَبْطَأْتُ عَنْهُمَا لَيْلَةً وَفِي رِوَايَةِ سَالِمٍ فَنَأَى بِي طَلَبُ شَيْءٍ يَوْمًا فَلَمْ أُرِحْ عَلَيْهِمَا حَتَّى نَامَا وَقد تقدم شرح قَوْله نأي وَالشَّيْء لَمْ يُفَسَّرْ مَا هُوَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَقَدْ بُيِّنَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي ضَمْرَةَ وَلَفْظُهُ وَإِنِّي نَأَى بِي ذَاتَ يَوْمٍ الشَّجَرُ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ اسْتَطْرَدَ مَعَ غَنَمِهِ فِي الرَّعْيِ إِلَى أَنْ بَعُدَ عَنْ مَكَانِهِ زِيَادَة على الْعَادة فَلذَلِك أبطأوا فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ فَإِنَّ الْكَلَأَ تَنَاءَى عَلَيَّ أَيْ تَبَاعَدَ وَالْكَلَأُ الْمَرْعَى قَوْلُهُ وَأَهْلِي وَعِيَالِي قَالَ الدَّاوُدِيُّ يُرِيدُ بِذَلِكَ الزَّوْجَةَ وَالْأَوْلَادَ وَالرَّقِيقَ وَالدَّوَابَّ وَتعقبه بن التِّينِ بِأَنَّ الدَّوَابَّ لَا مَعْنَى لَهَا هُنَا قُلْتُ إِنَّمَا قَالَ الدَّاوُدِيُّ ذَلِكَ فِي
الصفحة 508