كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 6)

قَوْلُهُ مَا يَحْبِسُكَ أَيْ يُؤَخِّرُكَ وَفِي رِوَايَةِ الْأَنْصَارِيِ فَقُلْتُ يَا عَمُّ أَلَا تَرَى مَا يَلْقَى النَّاسُ زَادَ مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ عَنِ بن عَوْنٍ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ أَلَا تَجِيءُ وَكَذَا أَخْرَجَهُ خَلِيفَةُ فِي تَارِيخِهِ عَنْ مُعَاذٍ وَقَالَ فِي جَوَابه بلَى يَا بن أَخِي الْآنَ قَوْلُهُ أَلَّا بِالتَّشْدِيدِ وَتَجِيءَ بِالنَّصْبِ قَوْلُهُ وَجَعَلَ يَتَحَنَّطُ يَعْنِي مِنَ الْحَنُوطِ كَذَا فِي الْأَصْلِ وَكَأَنَّ قَائِلَهَا أَرَادَ دَفْعَ مَنْ يَتَوَهَّمُ أَنَّهَا مِنَ الْحِنْطَةِ وَلَمْ يَقَعْ ذَلِكَ فِي رِوَايَةِ الْأَنْصَارِي الْمَذْكُورَةِ قَوْلُهُ فَذَكَرَ مِنَ النَّاس انكشافا فِي رِوَايَة بن أَبِي زَائِدَةَ فَجَاءَ حَتَّى جَلَسَ فِي الصَّفِّ وَالنَّاسُ يَنْكَشِفُونَ أَيْ يَنْهَزِمُونَ قَوْلُهُ فَقَالَ هَكَذَا عَنْ وُجُوهِنَا أَيِ افْسَحُوا لِي حَتَّى أُقَاتِلَ قَوْلُهُ مَا هَكَذَا كُنَّا نَفْعَلُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْ بَلْ كَانَ الصَّفُّ لَا يَنْحَرِفُ عَنْ مَوْضِعِهِ قَوْلُهُ بِئْسَ مَا عَوَّدْتُمْ أَقْرَانَكُمْ كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي عَوَّدَكُمْ أَقْرَانُكُمْ أَيْ نُظَرَاؤُكُمْ وَهُوَ جَمْعُ قِرْنٍ بِكَسْرِ الْقَافِ وَهُوَ الَّذِي يُعَادِلُ الْآخَرَ فِي الشِّدَّةِ وَالْقِرْنُ بِكَسْرِ الْقَافِ مَنْ يُعَادِلُ فِي السِّنِّ وَأَرَادَ ثَابِتٌ بِقَوْلِهِ هَذَا تَوْبِيخَ الْمُنْهَزِمِينَ أَيْ عَوَّدْتُمْ نُظَرَاءَكُمْ فِي الْقُوَّةِ مِنْ عَدُّوِكُمُ الْفِرَارَ مِنْهُمْ حَتَّى طَمِعُوا فِيكُم وَزَاد معَاذ بن معَاذ الْأنْصَارِيّ وبن أَبِي زَائِدَةَ فِي رِوَايَتِهِمَا فَتَقَدَّمَ فَقَاتَلَ حَتَّى قتل قَوْله رَوَاهُ حَمَّاد أَي بن أَبِي سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ كَذَا قَالَ وَكَأَنَّهُ أَشَارَ إِلَى أَصْلِ الْحَدِيثِ وَإِلَّا فَرِوَايَةُ حَمَّادٍ أَتَمُّ مِنْ رِوَايَةِ مُوسَى بْنِ أنس وَقد أخرجه بن سَعْدٍ والطَّبَرَانِيُّ وَالْحَاكِمُ مِنْ طُرُقٍ عَنْهُ وَلَفْظُهُ أَنَّ ثَابِتَ بْنَ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ جَاءَ يَوْمَ الْيَمَامَةِ وَقَدْ تَحَنَّطَ وَلَبِسَ ثَوْبَيْنِ أَبْيَضَيْنِ يُكَفَّنُ فِيهِمَا وَقَدِ انْهَزَمَ الْقَوْمُ فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا جَاءَ بِهِ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ وَأعْتَذِرُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ هَؤُلَاءِ ثُمَّ قَالَ بِئْسَ مَا عَوَّدْتُمْ أَقْرَانَكُمْ مُنْذُ الْيَوْمِ خَلُّوا بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَاعَةً فَحَمَلَ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ وَكَانَتْ دِرْعُهُ قَدْ سُرِقَتْ فَرَآهُ رَجُلٌ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ فَقَالَ إِنَّهَا فِي قِدْرٍ تَحْتَ إِكَافٍ بِمَكَانِ كَذَا فَأَوْصَاهُ بِوَصَايَا فَوَجَدُوا الدِّرْعَ كَمَا قَالَ وَأَنْفَذُوا وَصَايَاهُ وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ قِصَّةَ الدِّرْعِ وَالْوَصِيَّةِ مُطَوَّلَةً مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ بِنْتِ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ الْمَذْكُورَةِ وَفِيهَا أَنَّهُ أَوْصَى بِعِتْقِ بَعْضِ رَقِيقِهِ وَسَمَّى الْوَاقِدِيُّ فِي كِتَابِ الرِّدَّةِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ مَنْ أَوْصَى بِعِتْقِهِ وَهُمْ سَعْدٌ وَسَالِمٌ وَأَفَادَ الْوَاقِدِيُّ أَنَّ رَائِيَ الْمَنَامِ هُوَ بِلَالٌ الْمُؤَذِّنُ قَالَ الْمُهَلَّبُ وَغَيْرُهُ فِيهِ جَوَازُ اسْتِهْلَاكِ النَّفْسِ فِي الْجِهَادِ وَتَرْكِ الْأَخْذِ بِالرُّخْصَةِ وَالتَّهْيِئَةِ لِلْمَوْتِ بِالتَّحَنُّطِ وَالتَّكْفِينِ وَفِيهِ قُوَّةُ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ وَصِحَّةُ يَقِينِهِ وَنِيَّتِهِ وَفِيهِ التَّدَاعِي إِلَى الْحَرْبِ وَالتَّحْرِيضُ عَلَيْهَا وَتَوْبِيخُ مَنْ يَفِرُّ وَفِيهِ الْإِشَارَةُ إِلَى مَا كَانَ الصَّحَابَةُ عَلَيْهِ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الشَّجَاعَةِ وَالثَّبَاتِ فِي الْحَرْبِ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْفَخِذَ لَيْسَتْ عَوْرَةً وَقَدْ مَضَى الْبَحْثُ فِيهِ فِي أَوَائِل كتاب الصَّلَاة

(قَوْلُهُ بَابُ فَضْلِ الطَّلِيعَةِ)
أَيْ مَنْ يُبْعَثُ إِلَى الْعَدُوِّ لِيَطَّلِعَ عَلَى أَحْوَالِهِمْ وَهُوَ اسْمُ جِنْسٍ يَشْمَلُ الْوَاحِدَ فَمَا فَوقَهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الشُّرُوطِ فِي حَدِيثِ الْمِسْوَرِ الطَّوِيلِ بَيَانُ ذَلِكَ قَوْلُهُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ هُوَ الثَّوْرِيُّ قَوْلُهُ

الصفحة 52