كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 6)

أَجْرَى وَقَالَ فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي تَلِيهَا وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ مِمَّنْ سَابَقَ بِهَا وَسُفْيَانُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى هُوَ الثَّوْرِيُّ وَشَيْخه عبيد الله بِالتَّصْغِيرِ هُوَ بن عُمَرَ الْعُمَرِيُّ وَالطَّرِيقُ الثَّانِيَةُ عَنِ اللَّيْثِ مُخْتَصَرَةٌ وَقَدْ أَخْرَجَهَا تَامَّةً النَّسَائِيُّ عَنْ قُتَيْبَةَ عَنِ اللَّيْثِ وَهُوَ عِنْدَ مُسْلِمٍ لَكِنْ لَمْ يَسُقْ لَفْظَهُ وَقَوْلُهُ فِي الْأُولَى قَالَ عَبْدُ اللَّهِ قَالَ سُفْيَانُ حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ فَعَبْدُ اللَّهِ هُوَ بن الْوَلِيدِ الْعَدَنِيُّ كَذَا رُوِينَاهُ فِي جَامِعِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ مِنْ رِوَايَتِهِ عَنْهُ وَأَرَادَ بِذَلِكَ تَصْرِيحَ الثَّوْرِيِّ عَنْ شَيْخِهِ بِالتَّحْدِيثِ وَوَهِمَ مَنْ قَالَ فِيهِ وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَزَادَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ إِسْحَاقَ وَهُوَ الْأَزْرَقُ عَنِ الثَّوْرِيِّ فِي آخِره قَالَ بن عُمَرَ وَكُنْتُ فِيمَنْ أَجْرَى فَوَثَبَ بِي فَرَسِي جِدَارًا وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ أَيُّوبَ عَنْ نَافِع وَقَالَ فِيهِ فسبقت النَّاس فطفف بن الْفَرَسُ مَسْجِدَ بَنِي زُرَيْقٍ أَيْ جَاوَزَ بِيَ الْمَسْجِدَ الَّذِي كَانَ هُوَ الْغَايَةُ وَأَصْلُ التَّطْفِيفِ مُجَاوَزَةُ الْحَدِّ وَقَوْلُهُ فِي آخِرِ الثَّانِيَةِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ هُوَ الْمُصَنِّفُ وَقَوْلُهُ

[2869] أَمَدًا غَايَةً فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ وَقَعَ هَذَا فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي وَحْدَهُ وَهُوَ تَفْسِيرُ أَبِي عُبَيْدَةَ فِي الْمَجَازِ وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ قَالَ النَّابِغَةُ سَبَقَ الْجَوَادُ إِذَا اسْتَوْلَى عَلَى الْأَمَدِ وَمُعَاوِيَةُ فِي الرِّوَايَةِ الثَّالِثَةِ هُوَ بن عَمْرٍو الْأَزْدِيُّ وَأَبُو إِسْحَاقَ هُوَ الْفَزَارِيُّ وَقَوْلُهُ فِيهَا قَالَ سُفْيَانُ هُوَ مَوْصُولٌ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ وَلَمْ يَسْنِدْ سُفْيَانُ ذَلِكَ وَقَدْ ذَكَرَ نَحْوَهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ فِي الرِّوَايَةِ الثَّالِثَةِ إِلَّا أَنَّ سُفْيَانَ قَالَ فِي الْمَسَافَةِ الَّتِي بَيْنَ الْحَفْيَاءِ وَالثَّنِيَّةِ خَمْسَةٌ أَوْ سِتَّةٌ وَقَالَ مُوسَى سِتَّةٌ أَوْ سَبْعَةٌ وَهُوَ اخْتِلَافٌ قَرِيبٌ وَقَالَ سُفْيَانُ فِي الْمَسَافَةِ الثَّانِيَةِ مِيلٌ أَوْ نَحْوُهُ وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ إِدْرَاجُ ذَلِكَ فِي نفس الْخَبَر وَالْخَبَر بالستة وبالميل قَالَ بن بَطَّالٍ إِنَّمَا تَرْجَمَ لِطَرِيقِ اللَّيْثِ بِالْإِضْمَارِ وَأَوْرَدَهُ بِلَفْظِ سَابَقَ بَيْنَ الْخَيْلِ الَّتِي لَمْ تُضْمَرْ ليشير بذلك إِلَى تَمام الحَدِيث وَقَالَ بن الْمُنِيرِ لَا يَلْتَزِمُ ذَلِكَ فِي تَرَاجِمِهِ بَلْ رُبَّمَا تَرْجَمَ مُطْلَقًا لِمَا قَدْ يَكُونُ ثَابِتًا وَلِمَا قَدْ يَكُونُ مَنْفِيًّا فَمَعْنَى قَوْلِهِ إِضْمَارُ الْخَيْلِ لِلسَّبْقِ أَيْ هَلْ هُوَ شَرْطٌ أَمْ لَا فَبَيَّنَ بِالرِّوَايَةِ الَّتِي سَاقَهَا أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِشَرْطٍ وَلَوْ كَانَ غَرَضُهُ الِاقْتِصَارُ الْمُجَرَّدُ لَكَانَ الِاقْتِصَارُ عَلَى الطَّرَفِ الْمُطَابِقِ لِلتَّرْجَمَةِ أَوْلَى لَكِنَّهُ عَدَلَ عَنْ ذَلِكَ لِلنُّكْتَةِ الْمَذْكُورَةِ وَأَيْضًا فَلِإِزَالَةِ اعْتِقَادِ أَنَّ التَّضْمِيرَ لَا يَجُوزُ لِمَا فِيهِ مِنْ مَشَقَّةِ سَوْقِهَا وَالْخَطَرِ فِيهِ فَبَيَّنَ أَنَّهُ لَيْسَ بِمَمْنُوعٍ بَلْ مَشْرُوعٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قلت وَلَا مُنَافَاة بَين كَلَامه وَكَلَام بن بَطَّالٍ بَلْ أَفَادَ النُّكْتَةَ فِي الِاقْتِصَارِ قَوْلُهُ أُضْمِرَتْ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَقَوْلُهُ لَمْ تُضْمَرْ بِسُكُونِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَالْمُرَادُ بِهِ أَنْ تُعْلَفَ الْخَيْلُ حَتَّى تَسْمَنَ وَتَقْوَى ثُمَّ يُقَلَّلُ عَلَفُهَا بِقَدْرِ الْقُوتِ وَتُدْخَلُ بَيْتًا وَتُغَشَّى بِالْجِلَالِ حَتَّى تَحْمَى فَتَعْرَقَ فَإِذَا جَفَّ عَرَقُهَا خَفَّ لَحَمُهَا وَقَوِيَتْ عَلَى الْجَرْيِ وَفِي الْحَدِيثِ مَشْرُوعِيَّةُ الْمُسَابَقَةِ وَأَنَّهُ لَيْسَ مِنَ الْعَبَثِ بَلْ مِنَ الرِّيَاضَةِ الْمَحْمُودَةِ الْمُوَصِّلَةِ إِلَى تَحْصِيلِ الْمَقَاصِدِ فِي الْغَزْوِ وَالِانْتِفَاعِ بِهَا عِنْدَ الْحَاجَةِ وَهِيَ دَائِرَةٌ بَيْنَ الِاسْتِحْبَابِ وَالْإِبَاحَةِ بِحَسَبِ الْبَاعِثِ عَلَى ذَلِكَ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ لَا خِلَافَ فِي جَوَازِ الْمُسَابَقَةِ عَلَى الْخَيْلِ وَغَيْرِهَا مِنَ الدَّوَابِّ وَعَلَى الْأَقْدَامِ وَكَذَا التَّرَامِي بِالسِّهَامِ وَاسْتِعْمَالُ الْأَسْلِحَةِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ التَّدْرِيبِ عَلَى الْحَرْبِ وَفِيهِ جَوَازُ إِضْمَارِ الْخَيْلِ وَلَا يَخْفَى اخْتِصَاصُ اسْتِحْبَابِهَا بِالْخَيْلِ الْمُعَدَّةِ لِلْغَزْوِ وَفِيهِ مَشْرُوعِيَّةُ الْإِعْلَامِ بِالِابْتِدَاءِ وَالِانْتِهَاءِ عِنْدَ الْمُسَابَقَةِ وَفِيهِ نِسْبَةُ الْفِعْلِ إِلَى الْآمِرِ بِهِ لِأَنَّ قَوْلَهُ سَابَقَ أَيْ أَمَرَ أَوْ أَبَاحَ تَنْبِيهٌ لَمْ يَتَعَرَّضْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لِلْمُرَاهَنَةِ عَلَى ذَلِكَ لَكِنْ تَرْجَمَ التِّرْمِذِيُّ لَهُ بَابُ الْمُرَاهَنَةِ عَلَى الْخَيْلِ وَلَعَلَّهُ أَشَارَ إِلَى مَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ المكبر عَن نَافِع عَن بن عُمَرَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَابَقَ بَيْنَ الْخَيْلِ وَرَاهَنَ وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ كَمَا تَقَدَّمَ عَلَى جَوَازِ الْمُسَابَقَةِ بِغَيْرِ عِوَضٍ لَكِنْ قَصَرَهَا مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ عَلَى الْخُفِّ وَالْحَافِرِ وَالنَّصْلِ وَخَصَّهُ بَعْضُ

الصفحة 72