كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 6)
(قَوْلُهُ بَابُ مَنْ غَزَا بِصَبِيٍّ لِلْخِدْمَةِ)
يُشِيرُ إِلَى أَنَّ الصَّبِيَّ لَا يُخَاطَبُ بِالْجِهَادِ وَلَكِنْ يَجُوزُ الْخُرُوجُ بِهِ بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ وَيَعْقُوبُ الْمَذْكُورُ فِي الْإِسْنَاد هُوَ بن عبد الرَّحْمَن الإسْكَنْدراني وَعَمْرو هُوَ بن أَبِي عَمْرٍو مَوْلَى الْمُطَّلِبِ وَسَأَذْكُرُ مُعْظَمَ شَرْحِهِ فِي غَزْوَةِ خَيْبَرَ مِنْ كِتَابِ الْمَغَازِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَقَدِ اشْتَمَلَ عَلَى عِدَّةٍ مِنْ أَحَادِيثِ الِاسْتِعَاذَةِ وَيَأْتِي شَرْحُهَا فِي الدَّعَوَاتِ وَقِصَّةُ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ وَالْبِنَاءِ بِهَا وَيَأْتِي شَرْحُ ذَلِكَ فِي النِّكَاحِ وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُحُدٍ هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ وَقَوْلُهُ عَنْ الْمَدِينَةِ اللَّهُمَّ إِنِّي أُحَرِّمُ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي أَوَاخِرَ الْحَجِّ وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ أَصْلِ الْحَدِيثِ شَيْءٌ يَتَعَلَّقُ بِسَتْرِ الْعَوْرَةِ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ لَكِنَّ ذَلِكَ الْقَدْرَ لَيْسَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَالْغَرَضُ مِنَ الْحَدِيثِ هُنَا صَدْرُهُ وَقَدِ اسْتَشْكَلَ مِنْ حَيْثُ إِنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ ابْتِدَاءَ خِدْمَةِ أَنَسٍ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَوَّلِ مَا قَدِمَ الْمَدِينَةَ لِأَنَّهُ صَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ خَدَمْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِسْعَ سِنِينَ وَفِي رِوَايَةٍ عَشْرَ سِنِينَ وَخَيْبَرُ كَانَتْ سَنَةَ سَبْعٍ فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ إِنَّمَا خَدَمَهُ أَرْبَعَ سِنِينَ قَالَهُ الدَّاوُدِيُّ وَغَيْرُهُ وَأُجِيبُ بِأَنَّ مَعْنَى
[2893] قَوْلِهِ لِأَبِي طَلْحَةَ الْتَمِسْ لِي غُلَامًا مِنْ غِلْمَانِكُمْ تَعْيِينُ مَنْ يَخْرُجْ مَعَهُ فِي تِلْكَ السَّفْرَةِ فَعَيَّنَ لَهُ أَبُو طَلْحَةَ أَنَسًا فَيَنْحَطُّ الِالْتِمَاسُ عَلَى الِاسْتِئْذَانِ فِي الْمُسَافَرَةِ بِهِ لَا فِي أَصْلِ الْخِدْمَةِ فَإِنَّهَا كَانَتْ مُتَقَدِّمَةً فَيُجْمَعُ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ بِذَلِكَ وَفِي الْحَدِيثِ جَوَازُ اسْتِخْدَامِ الْيَتِيمِ بِغَيْرِ أُجْرَةٍ لِأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَقَعْ ذِكْرُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَحَمْلُ الصِّبْيَانِ فِي الْغَزْوِ كَذَا قَالَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَتَبِعُوهُ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ أَنَسًا حِينَئِذٍ كَانَ قَدْ زَادَ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ لِأَنَّ خَيْبَرَ كَانَتْ سَنَةَ سَبْعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ وَكَانَ عُمْرُهُ عِنْدَ الْهِجْرَةِ ثَمَانِ سِنِينَ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ ذِكْرِ الْأُجْرَةِ عَدَمُ وُقُوعِهَا قَوْلُهُ هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ قِيلَ هُوَ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَلَا مَانِعَ مِنْ وُقُوعٍ مِثْلِ ذَلِكَ بِأَنْ يَخْلُقَ اللَّهُ الْمَحَبَّةَ فِي بَعْضِ الْجَمَادَاتِ وَقِيلَ هُوَ عَلَى الْمَجَازِ وَالْمُرَادُ أَهْلُ أُحُدٍ عَلَى حد قَوْله تَعَالَى واسأل الْقرْيَة وَقَالَ الشَّاعِرِ وَمَا حُبُّ الدِّيَارِ شَغَفْنَ قَلْبِي وَلَكِن حب من سكن الديارا
الصفحة 87
643