كتاب فتح البيان في مقاصد القرآن (اسم الجزء: 6)

يضرب وفي لغة ضعيفة مثل حمد يحمد، والحرص طلب الشيء باجتهاد والاسم الحرص بكسر وحرص حرصاً من باب تعب لغة إذا رغب رغبة مذمومة.
وقال الزجاج: معناه ما أكثر الناس بمؤمنين ولو حرصت على أن تهديهم، لأنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء، قال ابن الأنباري: أن قريشاً واليهود سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن قصة يوسف وإخوته فشرحها شرحاً شافياً وأتى بها على وفق ما عندهم في التوراة، وهو يأمل أن يكون ذلك سبباً لإسلامهم، فخالفوا ظنه ولم يسلموا فحزن رسول الله صلى الله عليه وسلم لذلك فعزاه الله بقوله وما أكثر الناس. الآية.
(وما تسألهم عليه) أي على القرآن وما تتلوه عليهم منه أو على الإيمان وحرصك على وقوعه منهم أو على ما تحللهم به من هذا الحديث (من أجر) من مال يعطونك إياه ويجعلونه لك كما يفعله أحبارهم (إن هو) أي القرآن أو الحديث الذي حدثتهم به (إلا ذكر للعالمين) كافة قاطبة لا يختص بهم وحدهم وهذا كالتعليل لما قبله لأن الوعظ العام ينافي أخذ الأجر من البعض.
(وكأين من آية) قال الخليل وسيبويه إن كأين أصلها (أي) دخل عليها كاف التشبيه لكنه انمحى عن الحرفين المعنى الإفرادي وصار المجموع باسم واحد بمعنى كم الخبرية التكثيرية والأكثر إدخال من في مميزة وهو تمييز عن الكاف لا عن أي كما في مثلك رجلاً.
والمعنى كم من آية كائنة (في السماوات) من كونها منصوبة بغير عمد مزينة بالكواكب النيرة السيارة والثوابت (والأرض) من جبالها وقفارها وبحارها ونباتها وحيواناتها تدلهم على توحيد الله سبحانه، وأنه الخالق لذلك والرازق له المحيي المميت.
قال الضحاك: كم من آية في السماء، يعني شمسها وقمرها، ونجومها وسحابها، وفي الأرض ما فيها من الخلق والأنهار والجبال والمدائن والقصور

الصفحة 409