كتاب فتح البيان في مقاصد القرآن (اسم الجزء: 6)

ولكون أهل الأمصار أتم عقلاً وأكمل حلماً وأحسن علماً وأجل فضلاً.
قال قتادة: ما نعلم إن الله أرسل رسولاً قط إلا من أهل القرى لأنهم كانوا أعلم وأحلم من أهل المعمور، وقال الحسن: لم يبعث نبي من بدو ولا من الجن ولا من النساء.
(أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم) أفلم يسر هؤلاء المشركون المنكرون لنبوة محمد صلى الله عليه وآله وسلم فينظروا إلى مصارع الأمم الماضية فيعتبروا بهم وما حل بهم من عذاب الله حتى ينزعوا عما هم فيه من التكذيب. قال الحسن: أي كيف عذب الله قوم نوح وقوم لوط وقوم صالح والأمم التي عذبها.
(ولدار) الساعة (الآخرة) أو الحالة الآخرة أو الحياة الآخرة على حذف الموصوف. وقال الفراء: أن الدار هي الآخرة، وأضيف الشيء إلى نفسه لاختلاف اللفظ كيوم الجمعة وصلاة الأولى ومسجد الجامع، والكلام في ذلك مبين في كتب الإعراب، والمراد بهذه الدار الجنة، وقرئ للدار الآخرة (خير) من دار الدنيا (للذين اتقوا أفلا تعقلون) على الخطاب، وقرئ بالتحتية أي يتفكرون ويعتبرون بهم فيؤمنوا.
(حتى) غاية لمحذوف دل عليه الكلام، وتقديره وما أرسلنا من قبلك يا محمد إلا رجالاً ولم نعاجل أممهم الذين لم يؤمنوا بما جاءوا به بالعقوبة حتى (إذا استيأس الرسل) عن النصر بعقوبة قومهم، أو حتى إذا استيأسوا من إيمان قومهم لإنهماكهم في الكفر، وقدره القرطبي إلا رجالاً ثم لم نعاقب أمتهم حتى إذا، وقدره ابن الجوزي إلا رجالاً فدعوا قومهم فكذبوهم وطال دعاؤهم وتكذيب قومهم حتى إذا، وقدره الزمخشري إلا رجالاً فتراخى نصرهم حتى؛ وأحسنها ما قدمته. وقال الواحدي: حتى هنا من حروف الابتداء يستأنف بعدها.

الصفحة 417