كتاب تحفة الأحوذي (اسم الجزء: 6)
وَاحِدٍ) بِفَتْحِ الْفَاءِ أَيْ بِتَنَفُّسٍ وَاحِدٍ أَيْ لَا يَحْصُلُ لِيَ الرِّيُّ مِنَ الْمَاءِ فِي تنفس وَاحِدٍ فَلَا بُدَّ لِي أَنْ أَتَنَفَّسَ فِي الشَّرَابِ (قَالَ فَأَبِنِ الْقَدَحَ) أَيْ أَبْعِدْهُ أَمْرٌ مِنَ الْإِبَانَةِ (عَنْ فِيكَ) أَيْ عَنْ فَمِكَ زَادَ فِي رِوَايَةٍ ثُمَّ تَنَفَّسْ
وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى إِبَاحَةِ الشُّرْبِ مِنْ نَفَسٍ وَاحِدٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْهَ الرَّجُلَ عَنْهُ بَلْ قَالَ مَا مَعْنَاهُ إِنْ كُنْتَ لَا تَرْوَى مِنْ وَاحِدٍ فَأَبِنِ الْقَدَحَ وَقَدْ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْ ذَلِكَ كَمَا عَرَفْتَ فِي الْبَابِ الْمُتَقَدِّمِ وَمُجَرَّدُ الْجَوَازِ لَا يُنَافِي الْكَرَاهَةَ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالدَّارِمِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِي مُوَطَّئِهِ
قَوْلُهُ [1888] (نَهَى أَنْ يُتَنَفَّسَ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ لِخَوْفِ بُرُوزِ شَيْءٍ مِنْ رِيقِهِ فَيَقَعُ فِي الْمَاءِ وَقَدْ يَكُونُ مُتَغَيِّرَ الْفَمِ فَتَعْلَقَ الرَّائِحَةُ بِالْمَاءِ لِرِقَّتِهِ وَلَطَافَتِهِ فَيَكُونُ الْأَحْسَنُ فِي الْأَدَبِ أَنْ يَتَنَفَّسَ بَعْدَ إِبَانَةِ الْإِنَاءِ عَنْ فَمِهِ وَأَنْ لَا يَتَنَفَّسَ فِيهِ (أَوْ يُنْفَخَ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْضًا لِأَنَّ النَّفْخَ إِنَّمَا يَكُونُ لِأَحَدِ مَعْنَيَيْنِ فَإِنْ كَانَ مِنْ حَرَارَةِ الشَّرَابِ فَلْيَصْبِرْ حَتَّى يَبْرُدَ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَجْلِ قَذًى يُبْصِرُهُ فَلْيُمِطْهُ بِأُصْبُعٍ أَوْ بِخِلَالٍ أَوْ نَحْوِهِ وَلَا حَاجَةَ إِلَى النَّفْخِ فِيهِ بِحَالٍ (فِيهِ) أَيْ فِي الْإِنَاءِ الَّذِي يَشْرَبُ مِنْهُ وَالْإِنَاءُ يَشْمَلُ إِنَاءَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ فَلَا يَنْفُخُ فِي الْإِنَاءِ لِيَذْهَبَ مَا فِي الْإِنَاءِ مِنْ قَذَاةٍ وَنَحْوِهَا فَإِنَّهُ لَا يَخْلُو النفخ غالبا من بذاق يُسْتَقْذَرُ مِنْهُ وَكَذَا لَا يَنْفُخُ فِي الْإِنَاءِ لِتَبْرِيدِ الطَّعَامِ الْحَارِّ بَلْ يَصْبِرُ إِلَى أَنْ يَبْرُدَ
وَقَالَ الْمُهَلَّبُ وَمَحِلُّ هَذَا الْحُكْمِ إِذَا أَكَلَ وَشَرِبَ مَعَ غَيْرِهِ وَأَمَّا لَوْ أَكَلَ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ أَهْلِهِ أَوْ مَنْ يَعْلَمُ أنه لا يتقذر شيئا مما يتناوله فلابأس
قال الحافظ والأولى تعميم المنع لأن لَا يُؤْمَنُ مَعَ ذَلِكَ أَنْ تَفْضُلَ فَضْلَةٌ أَوْ يَحْصُلَ التَّقَذُّرُ مِنَ الْإِنَاءِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ انْتَهَى
قُلْتُ بَلْ هُوَ الْمُتَعَيِّنُ عِنْدِي وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صحيح) وأخرجه أبو داود وبن مَاجَهْ وَسَكَتَ عَنْهُ أَبُو دَاوُدَ وَنَقَلَ الْمُنْذِرِيُّ تَصْحِيحَ التِّرْمِذِيِّ وَأَقَرَّهُ
الصفحة 10
528