كتاب تحفة الأحوذي (اسم الجزء: 6)
لِمَيَلَانِهِ عَنْ جِهَةِ الْحَقِّ (وَقَوْلُ الزُّورِ) شَكٌّ مِنْ الرَّاوِي (حَتَّى قُلْنَا لَيْتَهُ سَكَتَ) أَيْ شَفَقَةً وَكَرَاهِيَةً لِمَا يُزْعِجُهُ
وَفِيهِ مَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنْ كَثْرَةِ الْأَدَبِ مَعَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمَحَبَّةِ لَهُ وَالشَّفَقَةِ عَلَيْهِ وَتَقَدَّمَ هَذَا الْحَدِيثُ فِي بَابِ عُقُوقِ الْوَالِدَيْنِ مِنْ أَبْوَابِ الْبِرِّ وَالصِّلَةِ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَالنَّسَائِيُّ
[2299] قَوْلُهُ (عَنْ سُفْيَانَ بْنِ زِيَادٍ الْأَسَدِيِّ) وَيُقَالُ بن دِينَارٍ الْعُصْفُرِيُّ وَيُكَنَّى أَبَا الْوَرْقَاءِ الْأَحْمَرِيَّ أَوِ الْأَسَدِيَّ كُوفِيٌّ ثِقَةٌ مِنَ السَّادِسَةِ (عَنْ فَاتِكِ بن فضالة) بن شريك الأسدي الكفي مَجْهُولُ الْحَالِ مِنَ السَّادِسَةِ (عَنْ أَيْمَنَ بْنِ خزيم) بالمعجمة ثم الراء مصغرا بن الْأَخْرَمِ الْأَسَدِيِّ هُوَ أَبُو عَطِيَّةَ الشَّامِيِّ الشَّاعِرِ مُخْتَلَفٌ فِي صُحْبَتِهِ قَالَ الْعِجْلِيُّ تَابِعِيٌّ ثِقَةٌ وَقَالَ فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ رَوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَهَادَةِ الزُّورِ وَعَنْ أَبِيهِ وَعَمِّهِ وَعَنْهُ فَاتِكُ بْنُ فُضَالَةَ
[2300] قَوْلُهُ (عَدَلَتْ شَهَادَةُ الزُّورِ إِشْرَاكًا بِاللَّهِ) أَيْ جُعِلَتِ الشَّهَادَةُ الْكَاذِبَةُ مُمَاثِلَةً لِلْإِشْرَاكِ بِاللَّهِ فِي الإثم لأن الشرك كذب على الله لما لَا يَجُوزُ وَشَهَادَةُ الزُّورِ كَذِبٌ عَلَى الْعَبْدِ لَا يَجُوزُ وَكِلَاهُمَا غَيْرُ وَاقِعٍ فِي الْوَاقِعِ قَالَ الطِّيبِيُّ وَالزُّورُ مِنَ الزَّوْرِ وَالِازْوِرَارِ وَهُوَ الانحارف وإنما ساوى قول الزور بالشرك لِأَنَّ الشِّرْكَ مِنْ بَابِ الزُّورِ فَإِنَّ الْمُشْرِكَ زعم أن الوثن يحق للعبادة (ثُمَّ قَرَأَ) أَيِ اسْتِشْهَادًا وَاعْتِضَادًا (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ من الأوثان) مِنْ بَيَانِيَّةٌ أَيِ النَّجَسَ الَّذِي هُوَ الْأَصْنَامُ (واجتنبوا قول الزور) أَيْ قَوْلَ الْكَذِبِ الشَّامِلِ لِشَهَادَةِ الزُّورِ قَالَ الطِّيبِيُّ وَفِي التَّنْزِيلِ عُطِفَ قَوْلُ الزُّورِ عَلَى عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ وَكُرِّرَ الْفِعْلُ اسْتِقْلَالًا فِيمَا هُوَ مُجْتَنَبٌ عَنْهُ فِي كَوْنِهِمَا مِنْ وَادِي الرِّجْسِ الَّذِي يَجِبُ أَنْ يُجْتَنَبَ عَنْهُ وَكَأَنَّهُ قَالَ فاجتنبوا عبادة الأوثان التي هي رؤوس الرِّجْسِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ كُلِّهِ وَلَا تَقْرَبُوا شَيْئًا مِنْهُ لِتَمَادِيهِ فِي الْقُبْحِ وَالسَّمَاجَةِ وَمَا ظَنُّكَ بِشَيْءٍ مِنْ قَبِيلِ عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ وَسُمِّيَ الْأَوْثَانُ رِجْسًا عَلَى طَرِيقِ التَّشْبِيهِ يَعْنِي إِنَّكُمْ كَمَا تَنْفِرُونَ بِطِبَاعِكُمْ عَنِ الرِّجْسِ وَتَجْتَنِبُونَهُ فَعَلَيْكُمْ أَنْ تَنْفِرُوا مِنْ شَبِيهِ الرِّجْسِ مِثْلَ تِلْكَ النفرة
الصفحة 481
528