كتاب تحفة الأحوذي (اسم الجزء: 6)
(فَيَكْتُبُ اللَّهُ لَهُ) أَيْ لِأَحَدِكُمُ الْمُتَكَلِّمِ بِالْكَلِمَةِ الْمَذْكُورَةِ (بِهَا) أَيْ بِتِلْكَ الْكَلِمَةِ (رِضْوَانَهُ) أَيْ رِضَاهُ (إِلَى يَوْمِ يَلْقَاهُ)
وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ (فَيَكْتُبُ اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا سخطه) أي غضبه
قال بن عُيَيْنَةَ هِيَ الْكَلِمَةُ عِنْدَ السُّلْطَانِ فَالْأُولَى لِيَرُدَّهُ بِهَا عَنْ ظُلْمٍ وَالثَّانِيَةُ لِيَجُرَّهُ بِهَا إِلَى ظلم
وقال بن عَبْدِ الْبَرِّ لَا أَعْلَمُ خِلَافًا فِي تَفْسِيرِهَا بِذَلِكَ نَقَلَهُ السُّيُوطِيُّ
قَالَ الطِّيبِيُّ فَإِنْ قُلْتَ مَا مَعْنَى قَوْلِهِ يَكْتُبُ اللَّهُ لَهُ بِهَا رِضْوَانَهُ (وَمَا فَائِدَةُ التَّوْقِيتِ إِلَى يَوْمِ يَلْقَاهُ) قُلْتُ مَعْنَى كَتْبِهِ رِضْوَانَ اللَّهِ تَوْفِيقُهُ لِمَا يُرْضِي اللَّهَ تَعَالَى مِنَ الطَّاعَاتِ وَالْمُسَارَعَةِ إِلَى الْخَيْرَاتِ لِيَعِيشَ فِي الدُّنْيَا حَمِيدًا وَفِي الْبَرْزَخِ يُصَانُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَيُفْسَحُ لَهُ قَبْرُهُ وَيُقَالُ لَهُ نَمْ كَنَوْمَةِ الْعَرُوسِ الَّذِي لَا يُوقِظُهُ إِلَّا أَحَبُّ أَهْلِهِ إِلَيْهِ وَيُحْشَرُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ سَعِيدًا وَيُظِلُّهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي ظِلِّهِ ثُمَّ يَلْقَى بَعْدَ ذَلِكَ مِنَ الْكَرَامَةِ وَالنَّعِيمِ الْمُقِيمِ ثُمَّ يَفُوزُ بِلِقَاءِ اللَّهِ مَا كُلُّ ذَلِكَ دُونَهُ وَفِي عَكْسِهِ قَوْلُهُ يَكْتُبُ اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا سَخَطَهُ وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى لِإِبْلِيسَ إن عليك لعنتي إلى يوم الدين كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ
قَوْلُهُ (وَفِي الْبَابِ عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ) أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي بَابِ حِفْظِ اللِّسَانِ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ مَالِكٌ وأحمد والنسائي وبن ماجة والبغوي في شرح السنة وبن حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَالْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ
قَالَ فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ فِي تَرْجَمَةِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ رُوِيَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ بِلَالِ بْنِ الْحَارِثِ حَدِيثُ إِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ الحديث وعنه ابنه محمد ذكره بن حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ أَخْرَجُوا لَهُ الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ صححه الترمذي
قلت وكذا صححه بن حبان وصحح له بن خُزَيْمَةَ حَدِيثًا آخَرَ مِنْ رِوَايَتِهِ عَنْ أَبِيهِ أيضا انتهى
الصفحة 502
528