كتاب عون المعبود وحاشية ابن القيم (اسم الجزء: 6)
نَفْسِ الطَّلَاقِ فَقَدْ أَبَاحَ اللَّهُ تَعَالَى الطَّلَاقَ وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ طَلَّقَ بَعْضَ نِسَائِهِ ثُمَّ رَاجَعَهَا وَكَانَتْ لِابْنِ عُمَرَ امْرَأَةٌ يُحِبُّهَا وَكَانَ عُمَرُ يَكْرَهُ صُحْبَتَهُ إِيَّاهَا فَشَكَاهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَعَا بِهِ فقال ياعبد اللَّهِ طَلِّقِ امْرَأَتَكَ فَطَلَّقَهَا وَهُوَ لَا يَأْمُرُ بِأَمْرٍ يَكْرَهُهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ
انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ هَذَا مُرْسَلٌ
[2178] (أَبْغَضُ الْحَلَالِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الطَّلَاقُ) قِيلَ كَوْنُ الطَّلَاقِ مَبْغُوضًا مُنَافٍ لِكَوْنِهِ حَلَالًا فَإِنَّ كَوْنَهُ مَبْغُوضًا يَقْتَضِي رُجْحَانَ تَرْكِهِ عَلَى فِعْلِهِ وَكَوْنُهُ حَلَالًا يَقْتَضِي مُسَاوَاةَ تَرْكِهِ لِفِعْلِهِ
وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بَالْحَلَالِ مَا لَيْسَ تَرْكُهُ بِلَازِمٍ الشَّامِلُ لِلْمُبَاحِ وَالْوَاجِبِ وَالْمَنْدُوبِ وَالْمَكْرُوهِ وَقَدْ يُقَالُ الطَّلَاقُ حَلَالٌ لِذَاتِهِ وَالْأَبْغَضِيَّةُ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنَ انْجِرَارِهِ إِلَى الْمَعْصِيَةِ
قال المنذري وأخرجه بن مَاجَهْ وَالْمَشْهُورُ فِيهِ الْمُرْسَلُ وَهُوَ غَرِيبٌ
وَقَالَ البيهقي في رواية بن أَبِي شَيْبَةَ يَعْنِي مُحَمَّدَ بْنَ عُثْمَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَلَا أُرَاهُ يَحْفَظُهُ
(بَاب فِي طَلَاقِ السُّنَّةِ)
[2179] قَالَ الْإِمَامُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ طَلَاقُ السُّنَّةِ أَنْ يُطَلِّقَهَا طَاهِرًا مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ وَيَشْهَدُ شَاهِدَيْنِ انْتَهَى
وَقَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ رَوَى الطَّبَرِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عن بن مسعود في قوله تعالى فطلقوهن لعدتهن قَالَ فِي الطُّهْرِ مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ
وَأَخْرَجَهُ عَنْ جَمْعٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ كَذَلِكَ انْتَهَى
(أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ) اسْمُهَا آمِنَةُ بِنْتُ غَفَّارٍ أَوْ بِنْتُ عَمَّارٍ
وَفِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ أَنَّ اسْمَهَا النَّوَارُ
قَالَ الْحَافِظُ فَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ اسْمُهَا آمِنَةُ وَلَقَبُهَا النَّوَارُ (وَهِيَ حَائِضٌ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ مُعْتَرِضَةٌ (عَلَى عَهْدِ) أَيْ فِي عَهْدِ (عَنْ ذَلِكَ) أَيْ عَنْ حُكْمِ طَلَاقِهِ (مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا) أَمْرُ اسْتِحْبَابٍ عِنْدَ جَمْعٍ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ
قَالَ الْعَيْنِيُّ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ
وقال
الصفحة 161