كتاب عون المعبود وحاشية ابن القيم (اسم الجزء: 6)

[2185] (أَنَّهُ) أَيْ أَبُو الزُّبَيْرِ (سَمِعَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَيْمَنَ) بِنَصْبِ الدَّالِ مَفْعُولُ (مَوْلَى عُرْوَةَ) بَدَلٌ مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ (يَسْأَلُ) أَيْ عَبْدُ الرحمن (بن عُمَرَ) بَالنَّصْبِ (وَأَبُو الزُّبَيْرِ يَسْمَعُ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ (قَالَ) أَيْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ (كَيْفَ تَرَى) الْخِطَابُ لِابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا (وَلَمْ يَرَهَا شَيْئًا) أَيْ لَمْ يَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِلْكَ التَّطْلِيقَةَ شَيْئًا يُعْتَدُّ بِهِ
وَفِيهِ دَلِيلٌ لِمَنْ قَالَ إِنَّ طَلَاقَ الْحَائِضِ لَا يَقَعُ
وَالْقَائِلُونَ بِوُقُوعِ طَلَاقِ الْحَائِضِ قالوا إن قوله ولم يرها شيئا منكر لَمْ يَقُلْهُ غَيْرُ أَبِي الزُّبَيْرِ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ قَالَ أَهْلُ الْحَدِيثِ لَمْ يَرْوِ أَبُو الزُّبَيْرِ حَدِيثًا أَنْكَرَ مِنْ هَذَا وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَمْ يَرَهُ شَيْئًا بَاتًّا تَحْرُمُ مَعَهُ الْمُرَاجَعَةُ وَلَا يَحِلُّ لَهُ إِلَّا بَعْدَ زَوْجٍ أَوْ لَمْ يَرَهُ شَيْئًا جَائِزًا فِي السُّنَّةِ مَاضِيًا فِي حُكْمِ الِاخْتِيَارِ وَإِنْ كَانَ لَازِمًا لَهُ عَلَى سَبِيلِ الْكَرَاهَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى
وَأَبُو دَاوُدَ أَيْضًا قَدْ أَشَارَ إِلَى نَكَارَةِ قَوْلِهِ وَلَمْ يَرَهَا شَيْئًا حَيْثُ قَالَ وَالْأَحَادِيثُ كُلُّهَا عَلَى خِلَافِ مَا قَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ

ــــــــــــQقال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه اللَّه وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِم فِي صَحِيحه حَدِيث أَبِي الزُّبَيْر هَذَا بِحُرُوفِهِ إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ وَلَمْ يَرَهَا شَيْئًا بَلْ قَالَ فَرَدَّهَا وَقَالَ إِذَا طَهُرَتْ إِلَى آخِره
وَقَدْ دَلَّ حديث بن عُمَر هَذَا عَلَى أُمُور مِنْهَا تَحْرِيم الطَّلَاق فِي الْحَيْض
وَمِنْهَا أَنَّهُ حُجَّة لِمَنْ قَالَ بِوُقُوعِهِ قَالُوا لِأَنَّ الرَّجْعَة إِنَّمَا تَكُون بَعْد الطَّلَاق وَنَازَعَهُمْ فِي ذَلِكَ آخَرُونَ
وَقَالُوا لَا مَعْنَى لِوُقُوعِ الطَّلَاق وَالْأَمْر بِالْمُرَاجَعَةِ فَإِنَّهُ لَوْ لَمْ يَعُدّ الطَّلَاق لَمْ يَكُنْ لِأَمْرِهِ بِالرَّجْعَةِ مَعْنًى بَلْ أَمَرَهُ بِارْتِجَاعِهَا وَهُوَ رَدّهَا إِلَى حَالهَا الْأُولَى قَبْل تَطْلِيقهَا دَلِيل عَلَى أَنَّ الطَّلَاق لَمْ يَقَع
قَالُوا وَقَدْ صَرَّحَ بِهَذَا فِي حَدِيث أَبِي الزُّبَيْر الْمَذْكُور آنِفًا

الصفحة 165