كتاب عون المعبود وحاشية ابن القيم (اسم الجزء: 6)

وهذا هو الصواب وقول الجمهور وكره بن مَسْلَمَةَ الْمَالِكِيُّ ذَلِكَ قَالُوا لَعَلَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ هَذَا الْحَدِيثُ قَالَهُ النَّوَوِيُّ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بن دينار عن بن عمر
(زاد بن نُمَيْرٍ) هُوَ عَبْدُ اللَّهِ

00 - (بَابُ زِيَارَةِ الْقُبُورِ)
[2041] هَكَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَالْأَكْثَرُ خَالٍ عَنْ هَذَا وَلَيْسَ هَذَا الْبَابُ فِي الْمُنْذِرِيِّ أَيْضًا وَإِنَّمَا أَوْرَدَ الْمُؤَلِّفُ فِي بَابِ تَحْرِيمِ الْمَدِينَةِ أَحَادِيثَ تَحْرِيمِهَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِفَضَائِلِ الْمَدِينَةِ وَزِيَارَةِ قُبَاءَ وَالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عِنْدَ قَبْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَيْرِ ذَلِكَ
(قَالَ مَا مِنْ أَحَدٍ يُسَلِّمُ عَلَيَّ إِلَّا رَدَّ اللَّهُ عَلَيَّ رُوحِي حَتَّى أَرُدُّ عَلَيْهِ السَّلَامَ) قَالَ فِي فَتْحِ الْوَدُودِ إِلَّا رَدَّ اللَّهُ عَلَيَّ رُوحِي مِنْ قَبِيلِ حَذْفِ الْمَعْلُولِ وَإِقَامَةِ الْعِلَّةِ مَقَامَهُ وَهَذَا فَنٌّ فِي الْكَلَامِ شَائِعٌ فِي الْجَزَاءِ وَالْخَبَرِ مِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَى فَإِنْ كَذَّبُوكَ فقد كذب رسل من قبلك أَيْ فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَلَا تَحْزَنْ فَقَدْ كُذِّبَ
إِلَخْ فَحُذِفَ الْجَزَاءُ وَأُقِيمَ عِلَّتُهُ مَقَامَهُ وَقَوْلِهِ تَعَالَى إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نضيع أجر من أحسن عملا أَيْ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَا نُضِيعُ عَمَلَهُمْ لِأَنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أحسن عملا فكذا ها هنا يُقَدَّرُ الْكَلَامُ أَيْ مَا مِنْ أَحَدٍ يُسَلِّمُ عَلَيَّ إِلَّا أَرُدُّ عَلَيْهِ السَّلَامَ لِأَنِّي حَيٌّ أَقْدِرُ عَلَى رَدِّ السَّلَامِ وَقَوْلُهُ حَتَّى أَرُدُّ عَلَيْهِ أَيْ فَسَبَبُ ذَلِكَ حَتَّى أَرُدُّ عَلَيْهِ فَحَتَّى هُنَا حَرْفُ ابْتِدَاءٍ تُفِيدُ السَّبَبِيَّةَ مِثْلَ مَرِضَ فُلَانٌ حَتَّى لَا يَرْجُونَهُ لَا بِمَعْنَى كَيْ وَبِهَذَا اتَّضَحَ مَعْنَى الْحَدِيثِ وَلَا يُخَالِفُ مَا ثَبَتَ حَيَاةُ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ انْتَهَى كَلَامُهُ
وَقَالَ السُّيُوطِيُّ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنِ الْجَمْعِ بَيْنَ هَذَا الْحَدِيثِ وَبَيْنَ حَدِيثِ الْأَنْبِيَاءِ أَحْيَاءً وَفِي قُبُورِهِمْ يُصَلُّونَ وَسَائِرِ الْأَحَادِيثِ الدَّالَّةِ فِي حَيَاةِ الْأَنْبِيَاءِ فَإِنَّ ظَاهِرَ الْأَوَّلِ مُفَارَقَةُ الرُّوحِ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ وَأَلَّفْتُ فِي الْجَوَابِ عَنْ ذَلِكَ تَأْلِيفًا سَمَّيْتُهُ انْتِبَاهَ الْأَذْكِيَاءِ بِحَيَاةِ الْأَنْبِيَاءِ
وَحَاصِلُ مَا ذَكَرْتُهُ فِيهِ خَمْسَةَ عَشَرَ وَجْهًا أَقْوَاهَا أَنَّ قَوْلَهُ رَدَّ اللَّهُ رُوحِي جُمْلَةٌ حالية وقاعدة

الصفحة 19