كتاب عون المعبود وحاشية ابن القيم (اسم الجزء: 6)

2 - (بَاب الْإِقَامَةِ بِمَكَّةَ)
[2022] (يَقُولُ لِلْمُهَاجِرِينَ إِقَامَةٌ بَعْدَ الصَّدْرِ ثَلَاثًا فِي الْكَعْبَةِ) أَيْ بِمَكَّةَ بَعْدَ قَضَاءِ النُّسُكِ وَالْمُرَادُ أَنَّ لَهُ مُكْثَ هَذِهِ الْمُدَّةِ لِقَضَاءِ حَوَائِجِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَزْيَدُ مِنْهَا لأنها بلدة تركها الله تَعَالَى فَلَا يُقِيمُ فِيهَا أَكْثَرَ مِنْ هَذِهِ الْمُدَّةِ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الْعَوْدَ إِلَى مَا تَرَكَهُ لِلَّهِ تَعَالَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ بِمَعْنَاهُ
وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ يُقِيمُ الْمُهَاجِرُ بِمَكَّةَ بَعْدَ قَضَاءِ نُسُكِهِ قِيلَ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يُرِيدُ بَالصَّدْرِ وَقْتَ النَّاسِ آخِرَ أَيَّامِ مِنًى بَعْدَ تَمَامِ نُسُكِهِمْ فَيُقِيمُ هُوَ بَعْدَهُمْ لِحَاجَةٍ لَا أَنَّهُ يُقِيمُ بَعْدَ أَنْ يَطُوفَ طَوَافَ الصَّدْرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَيَجْزِيهِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ طَوَافِهِ بَلْ يُعِيدُهُ عِنْدَ كَافَّتِهِمْ إِلَّا مَا حُكِيَ عَنْ أَصْحَابِ الرَّأْيِ
وَهَذَا الْحَدِيثُ حُجَّةٌ لِمَنْ مَنَعَ الْمُهَاجِرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ مَعَ الِاتِّفَاقِ عَلَى وُجُوبِ الْهِجْرَةِ عَلَيْهِمْ قَبْلَ الْفَتْحِ وَوُجُوبِ سُكْنَى الْمَدِينَةِ لِنُصْرَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمُوَاسَاتِهِمْ لَهُ بِأَنْفُسِهِمْ وَإِعْزَازِهِمْ لِدِينِهِمْ مِنَ الْفِتْنَةِ
وَأَمَّا الْمُهَاجِرُ مِمَّنْ آمَنَ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا خِلَافَ فِي سُكْنَى بَلَدِهِ مَكَّةَ أَوْ غَيْرِهَا انْتَهَى

الصفحة 3