كتاب عون المعبود وحاشية ابن القيم (اسم الجزء: 6)
الصَّوْمُ نَذْرًا مُعَيَّنًا أَوْ نَفْلًا مُعْتَادًا أَوْ صَوْمًا مُطْلَقًا غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِرَمَضَانَ (فَلْيَصُمْ ذَلِكَ الصَّوْمَ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ مَعْنَاهُ أَنْ يَكُونَ قَدِ اعْتَادَ صَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ فَيُوَافِقُ صَوْمَ الْمُعْتَادِ فَيَصُومُهُ وَلَا يَتَعَمَّدُ صَوْمَهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ عَادَةً وَهَذَا قَرِيبٌ مِنْ مَعْنَى الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ والترمذي والنسائي وبن مَاجَهْ
(لَمْ يَكُنْ يَصُومُ مِنَ السَّنَةِ شَهْرًا تاما إلا شعبان) وفي رواية بن أَبِي لَبِيدٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ إِلَّا قَلِيلًا وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِلَفْظِ بَلْ كَانَ يَصُومُ إِلَى آخِرِهِ وَهَذَا يُبَيِّنُ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ فِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ كَانَ لَا يَصُومُ مِنَ السَّنَةِ شَهْرًا تَامًّا إِلَّا شَعْبَانَ يَصِلُهُ بِرَمَضَانَ أَيْ كَانَ يَصُومَ مُعْظَمَهُ
وَنَقَلَ التِّرْمِذِيُّ عن بن الْمُبَارَكِ أَنَّهُ قَالَ جَائِزٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ إِذَا صَامَ أَكْثَرَ الشَّهْرِ أَنْ يَقُولَ صَامَ الشَّهْرَ كُلَّهُ وَيُقَالُ قَامَ فُلَانٌ لَيْلَتَهُ أَجْمَعَ وَلَعَلَّهُ قَدْ تَعَشَّى وَاشْتَغَلَ بِبَعْضِ أَمْرِهِ
قَالَ الترمذي كان بن الْمُبَارَكِ جَمَعَ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ بِذَلِكَ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الرِّوَايَةَ الْأُولَى مُفَسِّرَةٌ لِلثَّانِيَةِ مُخَصِّصَةٌ لَهَا وَأَنَّ الْمُرَادَ بَالْكُلِّ الْأَكْثَرُ وَهُوَ مَجَازٌ قَلِيلُ الِاسْتِعْمَالِ
قَالَهُ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَالْحَدِيثُ أخرجه الترمذي والنسائي وبن مَاجَهْ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ
2 - (بَاب فِي كَرَاهِيَةِ ذَلِكَ)
(فَأَخَذَ) عَبَّادٌ (بِيَدِهِ) أَيِ الْعَلَاءِ (فَأَقَامَهُ) أَيْ أَقَامَ عَبَّادٌ الْعَلَاءَ (ثُمَّ قَالَ) عَبَّادٌ (إِنَّ هَذَا) أَيِ
ــــــــــــQقال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه اللَّه الَّذِينَ رَدُّوا هَذَا الْحَدِيث لَهُمْ مَأْخَذَانِ أَحَدهمَا أَنَّهُ لَمْ يُتَابِع الْعَلَاء عَلَيْهِ أَحَد بَلْ اِنْفَرَدَ بِهِ عَنْ النَّاس وَكَيْف لَا يَكُون هَذَا مَعْرُوفًا عِنْد
الصفحة 329
371