كتاب عون المعبود وحاشية ابن القيم (اسم الجزء: 6)

وَالشُّرْبِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ هَذَا عَلَى قَوْلِهِ إِنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ بن أُمِّ مَكْتُومٍ أَوْ يَكُونَ مَعْنَاهُ إِنْ سَمِعَ الْأَذَانَ وَهُوَ يَشُكُّ فِي الصُّبْحِ مِثْلَ أَنْ يَكُونَ السَّمَاءُ مُتَغَيِّمَةً فَلَا يَقَعُ لَهُ الْعِلْمُ بِأَذَانِهِ أَنَّ الْفَجْرَ قَدْ طَلَعَ لِعِلْمِهِ أَنَّ دَلَائِلَ الْفَجْرِ مَعْدُومَةٌ وَلَوْ ظَهَرَتْ لِلْمُؤَذِّنِ لَظَهَرَتْ لَهُ أَيْضًا فَإِذَا عَلِمَ انْفِجَارَ الصُّبْحِ فَلَا حَاجَةَ إِلَى أَوَانِ الصَّبَاحِ أَذَانُ الصَّارِخِ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِأَنْ يُمْسِكَ عَنِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ إِذَا تَبَيَّنَ لَهُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ انْتَهَى قَالَ فِي فَتْحِ الْوَدُودِ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ إِنْ صَحَّ هَذَا يُحْمَلُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ عَلَى أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ حِينَ كَانَ الْمُنَادِي يُنَادِي قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ بِحَيْثُ يَقَعُ شُرْبُهُ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ قُلْتُ مَنْ يَتَأَمَّلُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَكَذَا حديث كلوا واشربوا حتى يؤذن بن أُمِّ مَكْتُومٍ فَإِنَّهُ لَا يُؤَذِّنُ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ وَكَذَا ظَاهِرَ قَوْلِهِ تَعَالَى حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الفجر يَرَى أَنَّ الْمَدَارَ هُوَ تَبَيُّنُ الْفَجْرِ وَهُوَ يَتَأَخَّرُ عَنْ أَوَائِلِ الْفَجْرِ بِشَيْءٍ وَالْمُؤَذِّنُ لِانْتِظَارِهِ يُصَادِفُ أَوَائِلَ الْفَجْرِ فَيَجُوزُ

ــــــــــــQالْأَعْلَى بْن حَمَّاد أَظُنّهُ عَنْ حَمَّاد عَنْ مُحَمَّد بْن عَمْرو عَنْ أَبِي هُرَيْرَة فَذَكَره وَقَدْ رَوَى النَّسَائِيّ عَنْ زِرّ قَالَ قُلْنَا لِحُذَيْفَة أَيّ سَاعَة تَسَحَّرْت مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ هُوَ النَّهَار إِلَّا أَنَّ الشَّمْس لَمْ تَطْلُع
وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَة
فَرَوَى إِسْحَاق بْن رَاهْوَيْهِ عن وكيع أنه سمع الأعمش يقول لولا الشهرة لَصَلَّيْت الْغَدَاة ثُمَّ تَسَحَّرْت ثُمَّ ذَكَر إِسْحَاق عَنْ أَبِي بَكْر الصِّدِّيق وَعَلِيّ وَحُذَيْفَة نَحْو هَذَا ثُمَّ قَالَ وَهَؤُلَاءِ لَمْ يَرَوْا فَرْقًا بَيْن الْأَكْل وَبَيْن الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة
هَذَا آخِر كلام إسحاق
وقد حكي ذلك عن بن مَسْعُود أَيْضًا
وَذَهَبَ الْجُمْهُور إِلَى اِمْتِنَاع السُّحُور بِطُلُوعِ الْفَجْر وَهُوَ قَوْل الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة وَعَامَّة فقهاء الأمصار وروى معناه عن عمر وبن عَبَّاس
وَاحْتَجَّ الْأَوَّلُونَ بِقَوْلِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عليه وسلم فكلوا واشربوا حتى يؤذن بن أُمّ مَكْتُوم وَلَمْ يَكُنْ يُؤَذِّن إِلَّا بَعْد طُلُوع الْفَجْر كَذَا فِي الْبُخَارِيِّ وَفِي بَعْض الرِّوَايَات وَكَانَ رَجُلًا أَعْمَى لَا يُؤَذِّن حَتَّى يُقَال لَهُ أَصْبَحْت أَصْبَحْت
قَالُوا وَإِنَّ النَّهَار إِنَّمَا هُوَ مِنْ طُلُوع الشَّمْس
وَاحْتَجَّ الْجُمْهُور بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّن لَكُمْ الْخَيْط الْأَبْيَض مِنْ الْخَيْط الْأَسْوَد مِنْ الْفَجْر} ويقول النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُوا وَاشْرَبُوا حتى يؤذن بن أُمّ مَكْتُوم وَبِقَوْلِهِ الْفَجْر فَجْرَانِ فَأَمَّا الْأَوَّل فَإِنَّهُ لَا يُحَرِّم الطَّعَام وَلَا يُحِلّ الصَّلَاة وَأَمَّا الثَّانِي فَإِنَّهُ يُحَرِّم الطَّعَام وَيُحِلّ الصَّلَاة رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي سُنَنه
قَالُوا وَأَمَّا حَدِيث حُذَيْفَة فَمَعْلُول وَعِلَّته الْوَقْف وَأَنَّ زِرًّا هُوَ الَّذِي تَسَحَّرَ مَعَ حُذَيْفَة ذَكَره النَّسَائِيّ

الصفحة 341