كتاب عون المعبود وحاشية ابن القيم (اسم الجزء: 6)

الشُّرْبُ حِينَئِذٍ إِلَى أَنْ يَتَبَيَّنَ لَكِنَّ هَذَا خِلَافُ الْمَشْهُورِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فَلَا اعْتِمَادَ عَلَيْهِ عِنْدَهُمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى
وَقَالَ فِي الْبَحْرِ الرائق اختلف المشائخ فِي أَنَّ الْعِبْرَةَ لِأَوَّلِ طُلُوعِهِ أَوْ لِاسْتِطَارَتِهِ أَوْ لِانْتِشَارِهِ وَالظَّاهِرُ الْأَخِيرُ لِتَعْرِيفِهِمُ الصَّادِقَ بِهِ
وقال علي القارىء قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى يَقْضِيَ حَاجَتَهُ مِنْهُ هَذَا إِذَا عَلِمَ أَوْ ظَنَّ عدم الطلوع
وقال بن الْمَلِكِ هَذَا إِذَا لَمْ يَعْلَمْ طُلُوعَ الصُّبْحِ أَمَّا إِذَا عَلِمَ أَنَّهُ قَدْ طَلَعَ أَوْ شك فيه فلا
وقال القارىء أَيْضًا إِنَّ إِمْكَانَ سُرْعَةِ أَكْلِهِ وَشُرْبِهِ لِتَقَارُبِ وَقْتِهِ وَاسْتِدْرَاكِ حَاجَتِهِ وَاسْتِشْرَافِ نَفْسِهِ وَقُوَّةِ نَهِمَتِهِ وَتَوَجُّهِ شَهْوَتِهِ بِجَمِيعِ هِمَّتِهِ مِمَّا يَكَادُ يُخَافُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ مُنِعَ مِنْهُ لَمَا امْتَنَعَ فَأَجَازَهُ الشَّارِعُ رَحْمَةً عَلَيْهِ وَتَدْرِيجًا لَهُ بَالسُّلُوكِ وَالسَّيْرِ إِلَيْهِ وَلَعَلَّ هَذَا كَانَ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ انْتَهَى
وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ

9 - (بَاب وَقْتِ فِطْرِ الصَّائِمِ)
(قَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ) وَالْحَاصِلُ أَنَّ وَكِيعًا وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ دَاوُدَ رَوَيَاهُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ وَهُوَ يَرْوِي عَنْ أَبِيهِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ
قَالَهُ الْمِزِّيُّ (إِذَا جَاءَ اللَّيْلُ من ها هنا) أَيْ مِنْ جِهَةِ الْمَشْرِقِ (وَذَهَبَ النَّهَارُ مِنْ ها هنا) أَيْ مِنَ الْمَغْرِبِ
قَالَ النَّوَوِيُّ قَالَ الْعُلَمَاءُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ يَعْنِي جَاءَ اللَّيْلُ وَذَهَبَ النَّهَارُ وَغَابَتِ الشَّمْسُ يَتَضَمَّنُ الْآخَرَيْنِ وَيُلَازِمُهُمَا وَإِنَّمَا جَمَعَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ فِي وَادٍ وَنَحْوِهِ بِحَيْثُ لَا يُشَاهِدُ غُرُوبَ الشَّمْسِ فَيَعْتَمِدُ إِقْبَالَ الظَّلَامِ وَإِدْبَارَ الضِّيَاءِ (فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ قَدْ صَارَ فِي حُكْمِ الْمُفْطِرِ وَإِنْ لَمْ يَأْكُلْ وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ دَخَلَ فِي وَقْتِ الْفِطْرِ وَجَازَ لَهُ أَنْ يُفْطِرَ كَمَا قِيلَ أَصْبَحَ الرَّجُلُ إِذَا دَخَلَ فِي وَقْتِ الصُّبْحِ وَأَمْسَى وَأَظْهَرَ كَذَلِكَ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى بُطْلَانِ الْوِصَالِ انْتَهَى
قُلْتُ قَالَ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ أَظْهَرْنَا دَخَلْنَا فِي وَقْتِ الظُّهْرِ كَأَصْبَحْنَا وَأَمْسَيْنَا فِي الصَّبَاحِ وَالْمَسَاءِ انْتَهَى
قَالَ الْعَيْنِيُّ مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ أَيْ دَخَلَ وَقْتُ الْإِفْطَارِ لَا أَنَّهُ يَصِيرُ مُفْطِرًا بِغَيْبُوبَةِ الشَّمْسِ وَإِنْ لَمْ يَتَنَاوَلْ مُفْطِرًا
وقال بن خُزَيْمَةَ لَفْظُهُ خَبَرٌ وَمَعْنَاهُ الْأَمْرُ أَيْ فَلْيُفْطِرِ الصائم

الصفحة 342