كتاب عون المعبود وحاشية ابن القيم (اسم الجزء: 6)
25 - (بَاب الْغِيبَةِ لِلصَّائِمِ)
(لَمْ يَدَعْ) أَيْ لَمْ يَتْرُكْ (قَوْلَ الزُّورِ) وَالْمُرَادُ مِنْهُ الْكَذِبُ وَالْإِضَافَةُ بيانية (فليس لله حاجة) قال بن بَطَّالٍ لَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يُؤْمَرُ بِأَنْ يَدَعَ صِيَامَهُ وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ التَّحْذِيرُ مِنْ قَوْلِ الزُّورِ وَمَا ذُكِرَ مَعَهُ
قَالَ فِي الْفَتْحِ وَلَا مَفْهُومَ لِذَلِكَ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَحْتَاجُ إِلَى شَيْءٍ وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ فَلَيْسَ لِلَّهِ إِرَادَةٌ فِي صيامه فوضع الحاجة موضع الإرادة
وقال بن الْمُنِيرِ بَلْ هُوَ كِنَايَةٌ عَنْ عَدَمِ الْقَبُولِ كَمَا يَقُولُ الْمُغْضَبُ لِمَنْ رَدَّ عَلَيْهِ شَيْئًا طلبه مِنْهُ فَلَمْ يَقُمْ بِهِ لَا حَاجَةَ لِي في كذا
وقال بن الْعَرَبِيِّ مُقْتَضَى هَذَا الْحَدِيثِ أَنْ لَا يُثَابَ عَلَى صِيَامِهِ وَمَعْنَاهُ أَنَّ ثَوَابَ الصِّيَامِ لَا يَقُومُ فِي الْمُوَازَنَةِ بِإِثْمِ الزُّورِ وَمَا ذُكِرَ مَعَهُ
وَاسْتُدِلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْأَفْعَالَ تُنْقِصُ ثَوَابَ الصَّوْمِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهَا صَغَائِرُ بَاجْتِنَابِ الْكَبَائِرِ
قَالَهُ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ (قَالَ أَحْمَدُ) بْنُ يُونُسَ (فَهِمْتُ إِسْنَادَهُ) أَيْ إِسْنَادَ هذا الحديث وحفظت كما أريد (من بن أَبِي ذِئْبٍ) لَكِنْ مَا سَمِعْتُ كَمَا يَنْبَغِي وَمَا حَفِظْتُ كَمَا أُرِيدَ مَتْنُ الْحَدِيثِ مِنْهُ لِكَوْنِهِ بَعِيدًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الْخَلَلِ الْوَاقِعِ فِي سَمَاعِهِ (رَجُلٌ إِلَى جَنْبِهِ) أَيِ بن أَبِي ذِئْبٍ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وبن مَاجَهْ
(فَلَا يَرْفُثْ) يُرِيدُ لَا يَفْحُشْ وَالرَّفَثُ هُوَ السُّخْفُ وَفَاحِشُ الْكَلَامِ يُقَالُ رَفَثَ بِفَتْحِ الْفَاءِ يَرْفُثُ بِضَمِّهَا وَكَسْرِهَا وَرَفِثَ بِكَسْرِهَا يَرْفَثُ بِفَتْحِهَا رَفْثًا سَاكِنَةَ الْفَاءِ فِي الْمَصْدَرِ وَرَفَثًا بِفَتْحِهَا فِي الِاسْمِ وَيُقَالُ أَرْفُثُ رُبَاعِيٌّ حَكَاهُ الْقَاضِي وَالْجَهْلُ قَرِيبٌ مِنَ الرَّفَثِ وَهُوَ خِلَافُ الْحِكْمَةِ وَخِلَافُ الصَّوَابِ مِنَ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ (فَلْيَقُلْ إِنِّي صَائِمٌ إِنِّي صَائِمٌ) هَكَذَا هُوَ مَرَّتَيْنِ وَاخْتَلَفُوا فِي مَعْنَاهُ فَقِيلَ يَقُولُهُ بِلِسَانِهِ لِيَسْمَعَهُ الشَّاتِمُ وَالْمُقَاتِلُ فَيَتَحَرَّزُ غَالِبًا وَقِيلَ لَا
الصفحة 350
371