كتاب عون المعبود وحاشية ابن القيم (اسم الجزء: 6)

يَقُولُهُ بِلِسَانِهِ بَلْ يُحَدِّثُ بِهِ نَفْسَهُ لِيَمْنَعَهَا مِنْ مُشَاتَمَتِهِ وَمُقَاتَلَتِهِ وَمُقَابَلَتِهِ وَيَحْرُسُ صَوْمَهُ عَنِ الْمُكَدِّرَاتِ وَلَوْ جَمَعَ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ كَانَ حَسَنًا
وَاعْلَمْ أَنَّ نَهْيَ الصَّائِمِ عَنِ الرَّفَثِ وَالْجَهْلِ وَالْمُخَاصَمَةِ وَالْمُشَاتَمَةِ لَيْسَ مُخْتَصًّا بِهِ بَلْ كُلُّ أَحَدٍ مِثْلُهُ فِي أَصْلِ النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ لَكِنَّ الصَّائِمَ آكَدُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ كَذَا قَالَ النَّوَوِيُّ
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ يُتَأَوَّلُ عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا فَلْيَقُلْ ذَلِكَ لِصَاحِبِهِ نُطْقًا بَاللِّسَانِ يَرُدُّهُ بِذَلِكَ عَنْ نَفْسِهِ وَالْوَجْهُ الْآخَرُ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ فِي نَفْسِهِ أَيْ لِيَعْلَمَ أَنَّهُ صَائِمٌ فَلَا يَخُوضُ مَعَهُ وَلَا يُكَافِئُهُ عَلَى شَتْمِهِ لِئَلَّا يُفْسِدَ صَوْمَهُ وَلَا يُحْبِطَ أَجْرَ عَمَلِهِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ

6 - (بَاب السِّوَاكِ لِلصَّائِمِ)
(عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَاصِمٍ) أَيْ شَرِيكٍ وَسُفْيَانَ كِلَاهُمَا عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ (يَسْتَاكُ وَهُوَ صَائِمٌ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ السِّوَاكُ مُسْتَحَبٌّ لِلصَّائِمِ وَالْمُفْطِرِ إِلَّا أَنَّ قَوْمًا مِنَ الْعُلَمَاءِ كَرِهُوا لِلصَّائِمِ أَنْ يَسْتَاكَ آخِرَ النَّهَارِ اسْتِبْقَاءً لِخُلُوفِهِ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ وَرُوِيَ ذَلِكَ

ــــــــــــQقال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه الله وقد روى بن مَاجَةَ مِنْ حَدِيث عَائِشَة عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مِنْ خَيْر خِصَال الصائم السواك قال البخاري وقال بن عُمَر يَسْتَاك أَوَّل النَّهَار وَآخِره وَقَالَ زِيَاد بْن حُدَيْر مَا رَأَيْت أَحَدًا أَدْأَب سِوَاكًا وهو صائم من عمر رضي الله عنه أَرَاهُ قَالَ بِعُودٍ قَدْ ذَوِي رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ
ولو احتج عليه بعموم قوله صلى الله عليه وسلم لَأَمَرْتهمْ بِالسِّوَاكِ عِنْد كُلّ صَلَاة لَكَانَتْ حُجَّة وبقوله صلى الله عليه وسلم السِّوَاك مَطْهَرَة لِلْفَمِ مَرْضَاة لِلرَّبِّ وَسَائِر الْأَحَادِيث الْمُرَغِّبَة فِي السِّوَاك مِنْ غَيْر تَفْصِيل
وَلَمْ يَجِيء فِي مَنْع الصَّائِم مِنْهُ حَدِيث صَحِيح
قَالَ الْبَيْهَقِيّ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ بِإِسْنَادٍ ضَعِيف إِذَا صُمْتُمْ فَاسْتَاكُوا بِالْغَدَاةِ وَلَا تَسْتَاكُوا بِالْعَشِيِّ فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ صَائِم تَيْبَس شَفَتَاهُ بِالْعَشِيِّ إِلَّا كَانَتَا نُورًا بَيْن عَيْنَيْهِ يَوْم الْقِيَامَة وَرَوَى عَمْرو بْن قَيْس عَنْ عَطَاء عَنْ أَبِي هُرَيْرَة قَالَ لَك السِّوَاك إِلَى الْعَصْر فَإِذَا صَلَّيْت الْعَصْر فَأَلْقِهِ فَإِنِّي سَمِعْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول لَخُلُوف فَم الصَّائِم أَطْيَب عِنْد اللَّه مِنْ رِيح الْمِسْك وَهَذَا لَوْ صَحَّ عَنْ أَبِي

الصفحة 351