كتاب عون المعبود وحاشية ابن القيم (اسم الجزء: 6)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــــــــــــQالثَّانِي اِحْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِم وَاحْتَجَمَ وَهُوَ صَائِم
انفرد به البخاري
الثالث احتجم وهو محرم صائم ذكره الترمذي وصححه والنسائي وبن مَاجَةَ
الرَّابِع اِحْتَجَمَ وَهُوَ صَائِم فَقَطْ
ذَكَره أَبُو دَاوُدَ
وَأَمَّا حَدِيث اِحْتَجَمَ وَهُوَ صَائِم فهو مختصر من حديث بن عباس في البخاري احتجم رسول الله وَهُوَ مُحْرِم وَاحْتَجَمَ وَهُوَ صَائِم
وَأَمَّا حَدِيث اِحْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِم صَائِم فَهَذَا هُوَ الَّذِي تَمَسّك بِهِ مَنْ اِدَّعَى النَّسْخ
وَأَمَّا لَفْظ اِحْتَجَمَ وَهُوَ صَائِم فَلَا يَدُلّ عَلَى النَّسْخ
وَلَا تَصِحّ الْمُعَارَضَة بِهِ لِوُجُوهٍ أَحَدهَا أَنَّهُ لَا يَعْلَم تَارِيخه وَدَعْوَى النَّسْخ لَا تَثْبُت بِمُجَرَّدِ الِاحْتِمَال
الثَّانِي أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ أَنَّ الصَّوْم كَانَ فَرْضًا
وَلَعَلَّهُ كَانَ صَوْم نَفْل خَرَجَ مِنْهُ
الثَّالِث حَتَّى لَوْ ثَبَتَ أَنَّهُ صَوْم فَرْض فَالظَّاهِر أَنَّ الْحِجَامَة إِنَّمَا تَكُون لِلْعُذْرِ وَيَجُوز الْخُرُوج مِنْ صَوْم الْفَرْض بِعُذْرِ الْمَرَض
وَالْوَاقِعَة حِكَايَة فِعْل لَا عُمُوم لَهَا
وَلَا يُقَال قَوْله وَهُوَ صَائِم جُمْلَة حَال مُقَارِنَة لِلْعَامِلِ فِيهَا
فَدَلَّ عَلَى مُقَارَنَة الصَّوْم لِلْحِجَامَةِ لِأَنَّ الرَّاوِي لَمْ يَذْكُر أَنَّ النَّبِيّ قَالَ إِنِّي بَاقٍ عَلَى صَوْمِي وَإِنَّمَا رَآهُ يَحْتَجِم وَهُوَ صَائِم فَأَخْبَرَهُ بِمَا شَاهَدَهُ وَرَآهُ ولا علم له بنية النبي وَلَا بِمَا فَعَلَ بَعْد الْحِجَامَة مَعَ أَنَّ قَوْله وَهُوَ صَائِم حَال مِنْ الشُّرُوع فِي الْحِجَامَة وَابْتِدَائِهَا فَكَانَ اِبْتِدَاؤُهَا مَعَ الصَّوْم وَكَأَنَّهُ قَالَ اِحْتَجَمَ فِي الْيَوْم الَّذِي كَانَ صَائِمًا فِيهِ وَلَا يَدُلّ ذَلِكَ عَلَى اِسْتِمْرَار الصَّوْم أَصْلًا
وَلِهَذَا نَظَائِر مِنْهَا حَدِيث الَّذِي وَقَعَ عَلَى اِمْرَأَته وَهُوَ صَائِم وَقَوْله فِي الصَّحِيحَيْنِ وَقَعْت عَلَى اِمْرَأَتِي وَأَنَا صَائِم وَالْفُقَهَاء وَغَيْرهمْ يَقُولُونَ وَإِنْ جَامِع وَهُوَ مُحْرِم وَإِنْ جَامِع وَهُوَ صَائِم
وَلَا يَكُون ذَلِكَ فَاسِدًا مِنْ الْكَلَام فَلَا تُعَطَّل نُصُوص الْفِطْر بِالْحِجَامَةِ بِهَذَا اللَّفْظ الْمُحْتَمَل
وَأَمَّا قَوْله اِحْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِم صَائِم فَلَوْ ثَبَتَتْ هَذِهِ اللَّفْظَة لَمْ يَكُنْ فِيهَا حُجَّة لِمَا ذَكَرْنَاهُ وَلَا دَلِيل فِيهَا أَيْضًا عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بَعْد قَوْله أَفْطَرَ الْحَاجِم وَالْمَحْجُوم فَإِنَّ هَذَا الْقَوْل مِنْهُ كَانَ فِي رَمَضَان سَنَة ثَمَان مِنْ الْهِجْرَة عَام الْفَتْح كَمَا جَاءَ فِي حَدِيث شَدَّاد والنبي أَحْرَمَ بِعُمْرَةِ الْحُدَيْبِيَة سَنَة سِتٍّ وَأَحْرَمَ مِنْ الْعَام الْقَابِل بِعُمْرَةِ الْقَضِيَّة وَكِلَا الْعُمْرَتَيْنِ قَبْل ذَلِكَ ثُمَّ دَخَلَ مَكَّة عَام الْفَتْح وَلَمْ يَكُنْ مُحْرِمًا ثُمَّ حَجّ حَجَّة الْوَدَاع فَاحْتِجَامه وَهُوَ صَائِم مُحْرِم لَمْ يُبَيِّن فِي أَيّ إِحْرَامَاتِهِ كَانَ وَإِنَّمَا تُمْكِن دَعْوَى النَّسْخ إِذَا كَانَ ذَلِكَ قَدْ وَقَعَ فِي حَجَّة الْوَدَاع أَوْ فِي عُمْرَة الْجِعْرَانَة حَتَّى يَتَأَخَّر ذَلِكَ عَنْ عَام الْفَتْح قَالَ فِيهِ أَفْطَرَ الْحَاجِم وَالْمَحْجُوم وَلَا سَبِيل إِلَى بَيَان ذَلِكَ
وَأَمَّا رواية بن عباس له وهو ممن صحب النبي بَعْد الْفَتْح فَلَا نُثِير ظَنًّا فَضْلًا عَنْ النسخ
الصفحة 361
371