كتاب مسند أحمد - الميمنية تصوير عالم الكتب (اسم الجزء: 6)

أَخُوهُ : اخْرُجِي مِنَ الدَّارِ ، فَقُلْتُ : إِنَّ لِي نَفَقَةً وَسُكْنَى حَتَّى يَحِلَّ الأَجَلُ ، قَالَ : لاَ ، قَالَتْ : فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ : إِنَّ فُلاَنًا طَلَّقَنِي ، وَإِنَّ أَخَاهُ أَخْرَجَنِي وَمَنَعَنِي السُّكْنَى وَالنَّفَقَةَ ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ فَقَالَ : مَا لَكَ وَلاِبْنَةِ آلِ قَيْسٍ ؟ قَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، إِنَّ أَخِي طَلَّقَهَا ثَلاَثًا جَمِيعًا ، قَالَتْ : فَقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : انْظُرِي يَا بِنْتَ آلِ قَيْسٍ ، إِنَّمَا النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى لِلْمَرْأَةِ عَلَى زَوْجِهَا مَا كَانَتْ لَهُ عَلَيْهَا رَجْعَةٌ ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهَا رَجْعَةٌ فَلاَ نَفَقَةَ وَلاَ سُكْنَى ، اخْرُجِي فَانْزِلِي عَلَى فُلاَنَةَ ، ثُمَّ قَالَ : إِنَّهَا يُتَحَدَّثُ إِلَيْهَا ، انْزِلِي عِنْدَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ ، فَإِنَّهُ أَعْمَى لاَ يَرَاكِ ، ثُمَّ قَالَ : لاَ تَنْكِحِي حَتَّى أَكُونَ أَنَا أُنْكِحُكِ ، قَالَتْ : فَخَطَبَنِي رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْتَأْمِرُهُ فَقَالَ : أَلاَ تَنْكِحِينَ مَنْ هُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ ؟ فَقُلْتُ : بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ ، فَأَنْكِحْنِي مَنْ أَحْبَبْتَ ، قَالَتْ : فَأَنْكَحَنِي مِنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ.
(27349) قَالَ : فَلَمَّا أَرَدْتُ أَنْ أَخْرُجَ قَالَتْ : اجْلِسْ حَتَّى أُحَدِّثَكَ حَدِيثًا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَتْ : خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا مِنَ الأَيَّامِ فَصَلَّى صَلاَةَ الْهَاجِرَةِ ، ثُمَّ قَعَدَ فَفَزِعَ النَّاسُ فَقَالَ : اجْلِسُوا أَيُّهَا النَّاسُ ، فَإِنِّي لَمْ أَقُمْ مَقَامِي هَذَا لِفَزَعٍ ، وَلَكِنَّ تَمِيمًا الدَّارِيَّ أَتَانِي فَأَخْبَرَنِي خَبَرًا مَنَعَنِي مِنَ الْقَيْلُولَةِ مِنَ الْفَرَحِ ، وَقُرَّةِ الْعَيْنِ ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَنْشُرَ عَلَيْكُمْ فَرَحَ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَخْبَرَنِي أَنَّ رَهْطًا مِنْ بَنِي عَمِّهِ رَكِبُوا الْبَحْرَ فَأَصَابَتْهُمْ رِيحٌ عَاصِفٌ ، فَأَلْجَأَتْهُمُ الرِّيحُ إِلَى جَزِيرَةٍ لاَ يَعْرِفُونَهَا ، فَقَعَدُوا فِي قُوَيْرِبِ سَفِينَةٍ حَتَّى خَرَجُوا إِلَى الْجَزِيرَةِ ، فَإِذَا هُمْ بِشَيْءٍ أَهْلَبَ كَثِيرِ الشَّعْرِ ، لاَ يَدْرُونَ أَرَجُلٌ هُوَ أَوْ امْرَأَةٌ ، فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ فَرَدَّ عَلَيْهِمُ السَّلاَمَ ، فَقَالُوا : أَلاَ تُخْبِرُنَا ؟ فَقَالَ : مَا أَنَا بِمُخْبِرِكُمْ وَلاَ مُسْتَخْبِرِكُمْ ، وَلَكِنَّ هَذَا الدَّيْرَ قَدْ رَهِقْتُمُوهُ فَفِيهِ مَنْ هُوَ إِلَى خَبَرِكُمْ بِالأَشْوَاقِ ، أَنْ يُخْبِرَكُمْ وَيَسْتَخْبِرَكُمْ ، قَالَ : قُلْنَا : مَا أَنْتَ ؟ قَالَتْ : أَنَا الْجَسَّاسَةُ ، فَانْطَلَقُوا حَتَّى أَتَوْا الدَّيْرَ ، فَإِذَا هُمْ بِرَجُلٍ مُوثَقٍ شَدِيدِ الْوَثَاقِ ، مُظْهِرٍ الْحُزْنَ ، كَثِيرِ التَّشَكِّي ، فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ فَرَدَّ عَلَيْهِمْ ، فَقَالَ : مَنْ أَنْتُمْ ؟ قَالُوا : مِنَ الْعَرَبِ ، قَالَ : مَا فَعَلَتِ الْعَرَبُ ؟ أَخَرَجَ نَبِيُّهُمْ بَعْدُ ؟ قَالُوا : نَعَمْ ، قَالَ : فَمَا فَعَلُوا ؟ قَالُوا : خَيْرًا ، آمَنُوا بِهِ ، وَصَدَّقُوهُ ، قَالَ : ذَلِكَ خَيْرٌ لَهُمْ ، وَكَانَ لَهُ عَدُوٌّ فَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ، قَالَ : فالْعَرَبُ الْيَوْمَ إِلَهُهُمْ وَاحِدٌ ، وَدِينُهُمْ وَاحِدٌ ، وَكَلِمَتُهُمْ وَاحِدَةٌ ؟ قَالُوا : نَعَمْ ، قَالَ : فَمَا فَعَلَتْ عَيْنُ زُغَرَ ؟ قَالَ : قَالُوا : صَالِحَةٌ ، يَشْرَبُ مِنْهَا أَهْلُهَا لِشَفَتِهِمْ ، وَيَسْقُونَ مِنْهَا زَرْعَهُمْ ، قَالَ : فَمَا فَعَلَ نَخْلٌ بَيْنَ عَمَّانَ وَبَيْسَانَ ؟ قَالُوا : صَالِحٌ ، يُطْعِمُ جَنَاهُ كُلَّ عَامٍ ، قَالَ : فَمَا فَعَلَتْ بُحَيْرَةُ الطَّبَرِيَّةِ ؟ قَالُوا : مَلأَى ، قَالَ : فَزَفَرَ ، ثُمَّ زَفَرَ ، ثُمَّ زَفَرَ ، ثُمَّ حَلَفَ لَوْ خَرَجْتُ مِنْ مَكَانِي هَذَا مَا تَرَكْتُ أَرْضًا مِنْ أَرْضِ اللهِ إِلاَّ وَطِئْتُهَا ، غَيْرَ طَيْبَةَ ، لَيْسَ لِي عَلَيْهَا سُلْطَانٌ ، قَالَ : فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِلَى هَذَا انْتَهَى فَرَحِي ـ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ ـ إِنَّ طَيْبَةَ الْمَدِينَةُ ، إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حَرَّمَ عَلَى الدَّجَّالِ أَنْ يَدْخُلَهَا ، ثُمَّ حَلَفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَاللَّهِ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ ، مَا لَهَا طَرِيقٌ ضَيِّقٌ وَلاَ وَاسِعٌ ، فِي سَهْلٍ وَلاَ جَبَلٍ إِلاَّ عَلَيْهِ مَلَكٌ شَاهِرٌ بِالسَّيْفِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، مَا يَسْتَطِيعُ الدَّجَّالُ أَنْ يَدْخُلَهَا عَلَى أَهْلِهَا .

الصفحة 417