كتاب أنساب الأشراف للبلاذري (اسم الجزء: 6)

وجمع بَنِي أمية فبايعوه بالإمرة عَلَيْهِم، وبايعه مواليهم وأتباعهم، وبايعه أهل تدمر، ثُمَّ سار فِي جمع عظيم إِلَى الضحاك، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ بدمشق، فلما بلغه خروج مَرْوَان إِلَيْهِ خرج بمن مَعَهُ من أهل دمشق وغيرهم، وفيهم زفر بن الحارث، فاقتتلوا بمرج راهط أشد قتال، فقتل الضحاك وعامة أَصْحَابه، وانهزم بقيّتهم وتفرقوا، ولحق زفر بقرقيسيا فاجتمعت إِلَيْهِ قَيْس ورأسوه عَلَيْهِم فذلك حِينَ يَقُول زفر بْن الْحَارِث.
أريني سلاحي لا أبا لَك إنني ... أرى الحرب لا تزداد إلا تماديا
أتاني عَنْ مَرْوَان بالغيب أَنَّهُ ... مقيد دمي أَوْ قاطع من لسانيا
ففي العيس لي منجى وَفِي الأَرْض مهرب ... إِذَا نحن رفعنا لهن المثانيا
فلا تحبسوني إن تغيّبت غافلا ... ولا تفرحوا إن جئتكم بلقائيا
فَقَدْ ينبت المرعى عَلَى دمن الثرى ... وتبقى حزازات النفوس كَمَا هيا
أتذهب كلب لم تنلها رماحنا ... ونترك قتلى راهط وهي ماهيا
وَكَانَ مَعَهُ رجلان من سليم فلما حاص يَوْم المرج تركهما ونجا فلذلك يَقُول:
فلم تر مني نبوة قبل هذه ... فراري وتركي صاحبي ورائيا
فأجابه جواس بْن القعطل، واسم القعطل ثابت، وَهُوَ أحد بَنِي حصن بْن ضمضم بْن جناب الكلبي فَقَالَ:
لعمري لَقَدْ أبقت وقيعة راهط ... عَلَى زفر داء من الداء باقيا
يبكي عَلَى قتلى سليم وعامر ... وذبيان معذورًا ويبكي البواكيا
دعا بسلاح ثُمَّ أحجم إذ رأى ... سِيُوف جناب والطوال المذاكيا
عَلَيْهَا كأسد الغاب فتيان نجدة ... إِذَا أشرعوا يَوْم الطعان العواليا

الصفحة 276