كتاب أنساب الأشراف للبلاذري (اسم الجزء: 6)

حَدَّثَنِي هِشَام بْن عمار قَالَ: ذكروا أَن مَرْوَان قَالَ عجبت للضحاك يقاتلني، وإنما قتل أباه تيس حبلقي [1] ، فأدركوه وَمَا بِهِ حيص ولا بيص فقتل هَذَا عَبْد الرَّحْمَنِ ابنه فنال سوءة.
وَقَالَ مَرْوَان لابن زِيَاد: إياك والفرار يا بن زياد فقال ابن زياد:
سيعلم مروان ابن فسوة أنني ... إِذَا التقت الْخَيْلان غَيْر حيود
فَقَالَ مَرْوَان: وأي أمهاتي فسوة إنه لشديد العضيهة [2] ، رمتني بدائها وانسلت، وأقبل رجل يريد مروان، فقال: يا بن زِيَاد الرجل فشد عَلَيْهِ ابْن زِيَاد فقتله.
وَقَالَ حبيب بْن كرز: كانت معي رأيه مَرْوَان يَوْم المرج فدفع بنعل سَيْفه فِي ظهري، وَقَالَ: ادن بِهَا لا أبا لَك فَإِن هَؤُلاءِ لو قَدْ وجدوا ألم الجراح انفرجوا.
الْمَدَائِنِي عَنْ مسلمة بْن محارب عَنْ أَبِيهِ: أَن مَرْوَان غزا أهل مصر فامتنعوا منه، وتحصنوا فقاتلهم حَتَّى ظهر عَلَيْهِم، ثُمَّ رجع إِلَى الأردن فخطب أم خَالِد فدعت ابنها فذكرت لَهُ ذَلِكَ فنهاها، وَقَالَ: والله مَا لَهُ فيك حاجة وَمَا يريد إلا فضيحتي والتقصير بي وإسقاط منزلتي فِي النَّاس، فأبت إلا أَن تزوجه فلما كانت ليلة البناء وأدخلت عَلَيْهِ جلست مَعَهُ عَلَى فراشه، فأقبل ينظر إِلَى سقف الْبَيْت ويحدث نَفْسه وَلَمْ يكلمها حَتَّى أصبح، فخرج إِلَى الصلاة وأرسلت إِلَى صاحب شرطه ألا ترى إِلَى مَا صنع بي صاحبك من الاستخفاف، وَقَدْ عصيت النَّاس فِيهِ فدخل عَلَى مَرْوَان فذكر له ذلك،
__________
[1] الحبلق: غنم صغار لا تكبر، أو قصار المعز ودمامها. القاموس.
[2] العضيهة: الكذب، والسحر، والافك، والبهتان. القاموس.

الصفحة 279