كتاب أنساب الأشراف للبلاذري (اسم الجزء: 6)

عظيما فأنفقه على جيشه، ولم يزل ابن زياد حَتَّى لطفت الحال بينه وبين الضحاك ووثق بِهِ، فَقَالَ لَهُ: والله العجب لرأيك فِي بيعتك ابْن الزُّبَيْر وأنت أولى بِهَذَا الأمر منه، أَنْتَ شيخ قريش اليوم وسيدها فادع النَّاس إِلَى بيعتك، فلم يزل بِهِ حَتَّى خلع ابْن الزُّبَيْر، ودعا إِلَى نَفْسه فاختلف عَلَيْهِ جنده، ثُمَّ عاد إِلَى أمره فكتب ابْن زِيَاد إِلَى مَرْوَان: إني قَدْ صدعت عَلَى الرجل أمره وأفسدته، فأقبل مَرْوَان حَتَّى نزل مرج راهط، فأراد الضحاك أَن يغلق أبواب مدينة دمشق ويتحصن فِيهَا، فَقَالَ لَهُ ابْن زِيَاد: ألا تستحي مِمَّا تريد أَن تصنع والناس كلهم معك، أخرج إِلَيْهِ فقاتله، وأنا معك فأخرجه، فلما التقوا انصرف ابْن زِيَاد إِلَى مَرْوَان بمن كَانَ تابعه فقتل الضحاك وقتلت قَيْس مَعَهُ يَوْمَئِذٍ قتلا ذريعا، وكانت قَيْس زبيرية إلا قليلًا مِنْهُم كَانُوا مَعَ مَرْوَان، فذلك حيث يَقُول القائل:
إِن تك قتلى راهط قَدْ تنوسيت ... فسقيا لأصداء هناك وهام
ودخل مَرْوَان دمشق فبايعه أهلها، واستوسقت لَهُ الشام والجزيرة وبايعه أهلهما.
حَدَّثَنِي أَبُو مَسْعُود الكوفي عَنْ عوانة قَالَ: قتل الوازع بْن ذؤالة الكلبي همام بْن قَبِيصَة، فَقَالَ وعتب عَلَى بَعْض الأمراء:
أتنسى الَّذِي أسديته يَوْم راهط ... وَقَدْ ضاق عَنْك المرج والمرج واسع
وأقبل حادي الْمَوْت يحدو مشمرا ... بفرسان حرب لَمْ ترعها الروائع
عَلَيْهَا قروم من قضاعة سادة ... لَهُمْ شيم محمودة ودسائع
إِذَا لقحت حرب مرتها سيوفهم ... وأيد طوال لَمْ تخنها الأشاجع

الصفحة 281