كتاب أنساب الأشراف للبلاذري (اسم الجزء: 6)

دمشق، فلما كَانَ بالصنبرة [1] من عمل الأردن بلغه أَن مَالِك بْن هبيرة السكوني يَقُول: شرط لي مَرْوَان بالمرج أَن يجعل لي ولقومي كورة البلقاء، وَكَانَ عَمْرو يَقُول: الأمر لي بَعْد مَرْوَان، وَذَلِكَ أَن مَرْوَان كَانَ يعده ذَلِكَ ليستنزل بِهِ طاعته ونصيحته، وَكَانَ خَالِد بْن يَزِيد بْن مُعَاوِيَة يَقُول: الأمر لي بَعْد مَرْوَان، فَقَالَ مَرْوَان لحسان بْن مَالِك بْن بحدل: إِن قومًا يزعمون أني اشترطت لَهُمْ شروطًا ووعدتهم عدات مِنْهُم: عطارة مكحلة مخضبة، يَعْنِي مَالِك بْن هبيرة، فَقَالَ مَالِك: هَذَا وَلَمْ تفتح تهامة وَلَمْ يبلغ الحزام الطبيين [2] ، فَقَالَ مَرْوَان: يا أبا سُلَيْمَان إِنَّمَا داعبناك، وَمِنْهُم عَمْرو بْن سَعِيد يزعم أني جعلت لَهُ الخلافة ويطمع نَفْسه فِيهَا، وَمِنْهُم خَالِد بْن يَزِيد، وَقَالَ: إني أريد البيعة لعبد الْمَلِك ولعبد الْعَزِيز من بعده بالعهد فقال حسّان: أنا أكفيك هَذَا الأمر، فلما اجتمع النَّاس عِنْدَ مَرْوَان قام ابْن بحدل فَقَالَ: إنه يبلغنا أَن رجالًا يتمنون أماني ويدعون أباطيل، فقوموا فبايعوا لعبد الْمَلِك ابْن أمِير الْمُؤْمِنيِنَ بالعهد، ولعبد الْعَزِيز من بعده، فقام النَّاس فبايعوا مسارعين من عِنْدَ آخرهم. وَكَانَ مَرْوَان قَالَ لحسان بْن مَالِك بْن بحدل:
بلغني أنك تقول: إني اشترطت عَلَى مَرْوَان أَن يولي خَالِد بْن يَزِيد الخلافة بعده، فحداه ذَلِكَ عَلَى الجد فِي بيعة ابنيه ليكذب مَا أبلغ مروان عَنْهُ، ولقي عَمْرو بْن سَعِيد حسان بْن مَالِك فَقَالَ: مَا أسرع مَا خرت! فَقَالَ:
اسكت يا لطيم الشَّيْطَان، ثُمَّ إِن مَرْوَان عقد لعبيد اللَّه بْن زِيَاد بدمشق ووجهه
__________
[1] قرب بحيرة طبرية.
[2] جاوز الحزام الطبيين: اشتد الأمر وتفاقم. القاموس.

الصفحة 287