كتاب أنساب الأشراف للبلاذري (اسم الجزء: 6)

الحنتف: هل من مبارز فبارزه رجل من الشاميين، فلم يلبث أَن قتله البصري وأخذ هميانا مَعَهُ وجرده فأغضب ذَلِكَ حبيشا فَقَالَ: هل من مبارز، فبارزه الرجل الَّذِي قتل الشامي وأخذ هميانه، فضرب حبيشا ضربة أثخنته، ثُمَّ ثنى بأخرى فقتله، وانهزم الشاميون فقتلوا قتلا ذريعا، وأسر منهم خمسمائة، ويقال أكثر، وهرب منهم ثلاثمائة فأتوا المدينة فاستخفوا بِهَا، ثُمَّ قدر عَلَيْهِم فخلطوا بالأسرى، وهرب يُوسُف بْن الحكم وَقَدْ أردف الْحَجَّاج ابنه خلفه، فلم يعرج دُونَ نخل، فكان الْحَجَّاج يَقُول: مَا أقبح الهزيمة، لَقَدْ كنت ورجل آخر- يَعْنِي أباه- فِي جيش حبيش بْن دلجة فانهزمنا فركضنا ثلاثين ميلا حَتَّى قام الفرس، وإنّه ليخيّل إلينا أَن رماح الْقَوْم فِي أكتافنا.
قَالُوا: وَلَمْ يقتل رجل من أَصْحَاب ابْن دلجة إلا كَانَ أقل مَا وجد مَعَهُ مائة دِينَار.
وَقَالَ توسعة من بَنِي تيم اللَّه بْن ثعلبة بْن عكابة:
ونجى يُوسُف الثقفي ركض ... دراك بَعْد مَا سقط اللواء
ولو أدركنه لقضين نَحْبًا ... بِهِ ولكل مخطأة وقاء
يريد لكل نفس مخطأة، وَكَانَ مَعَ يُوسُف لواء، ويقال: أراد أَنَّهُ حِينَ قتل حبيش سقط لواء الْقَوْم عِنْدَ الهزيمة.
قَالُوا: وقدم الحنتف بْن السجف بالأسارى إِلَى الْمَدِينَة، فتطلع أهل الْمَدِينَة إِلَى قدومه وتلقوه واستبشروا بِهِ وجعل قوم يقولون: لَيْسَ هُوَ الحنتف إِنَّمَا هُوَ الحتف، وهرب ثعلبة حليفة حبيش، ويقال طرده أهل الْمَدِينَة، ويقال إِن قوما من أهل الْمَدِينَة وثبوا بِهِ فقتل والله أعلم، وبعث عَبْد اللَّهِ بْن الزُّبَيْر أخاه مصعبًا لقتل الأسارى لا غَيْر، وقوم يقولون: ولاه الْمَدِينَة، فلما قدم

الصفحة 292