كتاب أنساب الأشراف للبلاذري (اسم الجزء: 6)

الْمَدِينَة قتل أولئك الأسارى، ثُمَّ انصرف إِلَى مكة، وكان جميع من قتل ثمانمائة أسير، وَكَانَ قتله إياهم بالحرة فِي مصارع ابْن الغسيل وأَصْحَابه، وجعل مُصْعَب لمن جاء بيوسف بْن الحكم وابنه أَوْ أحدهما جعلا فلم يقدر عليهما، وَكَانَ يَزِيد بْن يَزِيد أَخُو السائب بْن يَزِيد فِي الأسارى، فدعا بِهِ مُصْعَب أول الأسارى فَقَالَ: أي عدو اللَّه ألست الَّذِي صنعت بالحرة مَا صنعت، فلم ترض بِذَلِكَ حَتَّى عدت الثَّانِيَة مَعَ ابْن دلجة، ألدين طلبت ذَلِكَ أم لدنيا، إنك لصفر منهما، وأمر بِهِ فقتل فِي الموضع الَّذِي قتل فِيهِ مُسْلِم بْن عقبة أسراء الحرة، فكان السائب أخوه يَقُول: لَقَدْ مر بنا من صياح من صاح بنا من النِّسَاء والصبيان بالشماتة والفرح بمقتل يَزِيد مَا كَانَ أشد عَلَيْنَا من قتله، وقيل لسعيد بْن الْمُسَيِّب ألا تعزي السائب عَنْ أخيه؟
فَقَالَ: لا رحمه اللَّه، والله إني لأحسب السائب قَدْ سر بقتله، وأخذ فِي المعركة يَوْم الربذة ذكوان مولى مَرْوَان، وكعب مولى سَعِيد بْن العاص وابن أَبِي فاطمة، فَقَالَ مُصْعَب: السَيْف أروح لَهُمْ، فضربهم بالسياط ضربا شديدًا.
وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: جعلت المرأة من أهل الْمَدِينَة تأتي الحنتف فتقبل رأسه وتقول شفيت النفوس وثأرت لنا بقتلى أهل الحرة، وَكَانَ انصراف الحنتف إِلَى البصرة مَعَ مُصْعَب حِينَ ولاه إياها أخوه عَبْد اللَّهِ بَعْد. يّام الربذة، ويقال: إِن ابْن الزُّبَيْر أمره أَن ينفذ إِلَى الشام فيغير عَلَى أطرافه، فمات بوادي القرى وأهل الْمَدِينَة يقولون: أمر ابْن الزُّبَيْر حنتفا أَن يقيم بالمدينة ليعاضد عامله فلم يزل مقيما حَتَّى وجه عَبْد الْمَلِك طارقا مولى عُثْمَان إِلَى وادي القرى فلقيه

الصفحة 293