كتاب أنساب الأشراف للبلاذري (اسم الجزء: 6)

فِي مرته ورجع إِلَى دمشق لمحاربة عَمْرو بْن سَعِيد حِينَ أغلقها عَلَى نَفْسه، فَقَالَ الشاعر وَهُوَ من كلب:
قتلنا بأجنادين يا قوم ناتلا ... قصاصا بِمَا لاقى حبيش بَنِي القين
وَقَالَ أيضًا:
بشر بَنِي القين وخص وائلا ... أنا أبأنا بحبيش ناتلا
غداة نقريه القنا الذوابلا ... حَتَّى أذقناه حمامًا عاجلا
ويقال: إِن مَرْوَان لما مَاتَ أمر ابْن الزُّبَيْر ناتلا أَن يَأْتِي فلسطين فيغلب عَلَيْهَا وَقَدْ خرج منها، فغلب ناتل عَلَى فلسطين، وبلغ ذَلِكَ عَبْد الْمَلِك فسار كُل امرئ إِلَى صاحبه فالتقوا بأجنادين ومع عَبْد الْمَلِك عَمْرو الأشدق، فقتل ناتل وصار عَبْد الْمَلِك إِلَى بطنان حبيب ومضى فانسل عَمْرو من عسكره، وصار إِلَى دمشق فأغلق أبوابها، فرجع عَبْد الْمَلِك إِلَيْهِ فقتله.
وَقَالَ هِشَام بْن مُحَمَّد الكلبي: كانت ولاية مَرْوَان بْن الحكم سنة وشهرين، وَقَالَ غيره: سنة إلا شهرين، وَقَالَ بعضهم: سنة، وقال الكلبي: كان سبب وفاته أَنَّهُ تزوج أم هاشم بنت (أَبِي) هاشم بْن عتبة بْن ربيعة، واسمها فاختة ولقبها لقصرها حبة، وغدر بابنها خَالِد بْن يَزِيد بْن مُعَاوِيَة فيما وعده من ولاية العهد ودخل عَلَيْهِ خَالِد عَلَى مرحلة من دمشق، فَقَالَ لَهُ: مَا أدخلك عَلِي في هذا الوقت يا بن الرطبة؟ فَقَالَ خَالِد: أمين مختبر أبعدها اللَّه وأسحقها، وأتى أمه فأخبرها بِمَا قَالَ لَهُ مَرْوَان، فَقَالَتْ لَهُ:
لَنْ تسمع منه مثلها أبدًا، ودخل مَرْوَان عَلَى أم خَالِد فتركته حَتَّى نام ثُمَّ عمدت إِلَى مرفقه محشوة ريشا فجعلتها عَلَى وجهه وجلست وجواريها عَلَيْهَا

الصفحة 299