كتاب أنساب الأشراف للبلاذري (اسم الجزء: 6)

قَالُوا: وكانت لحجار بْن أبجر الْعِجْلِيِّ منزلة من بشر، فبينا هُوَ جالس عَلَى سريره إذ دَخَلَ المتوكل الليثي عَلَيْهِ فأنشده أبياتًا فِيهَا:
تجرم لي بشر غداة أتيته ... فَقُلْتُ لَهُ يا بشر ماذا التجرم
فَقَالَ بشر: ويلك لو صرت إِلَى ذَلِكَ لضربت عنقك، فقال: أصلح الله الأمير هَذَا كَلام تسقط منه الحبالى، فَقَالَ حجار: أو حبلى أنت يا متوكّل، فقال: مَا إياك أخاطب، ولا عليك أدل، فَقَالَ حجار: والله لو سألتني بمثل هَذَا الشعر درهما مَا أعطيتك إياه، ولا رأيتك لَهُ أهلًا، فَقَالَ: صدقت والله لو أتاك عيسى بْن مريم فطلب مثل ذَلِكَ لمنعته إياه، فلما خرج حجار قَالَ لَهُ بشر: ويلك يا متوكل كَيْفَ جئت بعيسى بْن مريم من بَيْنَ الأنبياء؟ قَالَ: لأن أباه كَانَ نصرانيا، وَهُوَ يرق للنصرانية، فضحك بشر وَقَالَ: أتراه فطن لما أردت؟ قَالَ: نعم والله وَمَا أقامه إلا ذَلِكَ.
حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ الْمُغِيرَةَ الأَثْرَمُ عَنْ أَبِي عُبَيْدَة مَعْمَر بْن المثنى قَالَ: قَالَ بشر بْن مَرْوَان لسراقة: أجرير أشعر أم الفرزدق؟ قَالَ: الفرزدق، قَالَ: فقل فِي ذَلِكَ أبياتًا فَقَالَ:
أَبلغْ تميمًا غثها وسمينها ... والحكم يَقْصُدُ مَرَّةً ويجور
أَن الفرزدق برزت آباؤه ... عفوًا وغُودر فِي الغبار جَرِير
مَا كنتَ أول مقرف عثرت بِهِ ... أعراقه إِن اللئيم عثور
ذهب الفرزدق بالفضائل والعلى ... وابن المراغة مفحم محسور
فكتبها بشر، وبعث بِهَا إِلَى جَرِير مَعَ رَسُول، وَقَالَ: لا تبرح حَتَّى ينقضها فذلك حِينَ يَقُول جرير:

الصفحة 321