كتاب أنساب الأشراف للبلاذري (اسم الجزء: 6)
منزله، ثُمَّ أمر بِهِ فأحرق فلم يبرح حَتَّى صار رمادًا، وكانت امرأته تسمى العيوف، وكانت حِينَ أتاها برأس الْحُسَيْن قَدْ نفرت منه فكانت لا تكتحل ولا تطيب وَقَالَتْ: والله لا يرى مني سرورًا أبدًا.
ولما هزمت مضر يَوْم الجبانة خرج شمر بْن ذي الجوشن يركض فرسه خارجًا من الكوفة، واتبعه غلام للمختار يقال لَهُ زربي فعطف عَلَيْهِ شمر فقتله ولحق ببعض القرى فنزلها، وكتب إِلَى المصعب كتابًا، ووجه فيجا فأخذت الفيج مسلحة للمختار، فسألوه عَنْ صاحب الكتاب، فدل عَلَى القرية الَّتِي هُوَ فِيهَا فأنهي الأمر إِلَى المختار فوجه إِلَى شمر خيلًا فلم يشعر إلا وَقَدْ أحاطوا بالقرية فخرج إليهم فقاتلهم وَهُوَ يرتجز وَيَقُول:
نبهتم ليث عرين باسلًا ... لَمْ ير يوما عَنْ عدو ناكلا
إلا كَذَا مقاتلا أَوْ قاتلا
فقيل: قتله عَبْد الرَّحْمَنِ بْن عَبْد اللَّهِ الهمداني طعنة فِي ثغرة نحره، ونادى يا لثأرات الْحُسَيْن ثُمَّ أوطأة الْخَيْل وَبِهِ رمق حَتَّى مَاتَ، ثُمَّ احتز رأسه وأتى بِهِ المختار ونبذت جيفته للكلاب.
وَكَانَ حَكِيم بْن طفيل الطائي سلب الْعَبَّاس بْن عَلِي ثيابه ورمى الْحُسَيْن بسهم، فكان يَقُول: تعلق سهمي بسرباله وَمَا ضره، فبعث إِلَيْهِ عَبْد اللَّهِ بْن كامل فأخذه، فاستغاث أهله بعدي بْن حاتم فكلم فِيهِ ابْن كامل فَقَالَ: أمره إِلَى الأمير المختار، وبادر بِهِ إِلَى المختار قبل شفاعة ابْن حاتم لَهُ إِلَى المختار فأمر بِهِ المختار فعري ورمي بالسهام حَتَّى مَاتَ.
وَكَانَ زَيْد بْن رقاد الجنبي يَقُول رميت فتى من آل الْحُسَيْن ويده عَلَى جبهته فأثبتها فِي جبهته، وَكَانَ ذَلِكَ الفتى عَبْد اللَّهِ بْن مُسْلِم بْن عقيل بْن أَبِي
الصفحة 407
459