كتاب أنساب الأشراف للبلاذري (اسم الجزء: 6)

زائدة بْن قدامة الثقفي ومعه مسافر بْن سعيد بن نمران الناعطي في خمسمائة دارع ورامح، ومعه سبعون ألف درهم وَقَالَ: إِذَا لقيته فقل لَهُ عني: بلغني أنك قَدْ تكلفت لسفرك خمسة وثلاثين ألف درهم، وَهَذِهِ سبعون ألف درهم فخذها وانصرف، فَإِن أبى ذَلِكَ فأره أَصْحَاب مسافر وحذره إياهم، فلما لقيه زائدة أدى إِلَيْهِ رسالة المختار فقال: ما أنا بقابل مالا ولا بدّ لي من النفوذ لأمر أمِير الْمُؤْمِنيِنَ، فدعا زائدة بالْخَيْل وَقَدْ كَانَ أكمنها فَقَالَ: إني محاربك بمن ترى ووراءهم مثلهم ومثلهم، فَقَالَ عُمَر: أما الآن فَقَدْ وجب العذر، وَهَذَا أجمل بي، فأخذ السبعين الآلف فاستحيا من الرجوع إِلَى مَكَّة فصار إِلَى البصرة فأقام بِهَا وَذَلِكَ فِي إمارة القباع الْحَارِث بْن عَبْد اللَّهِ بْن أَبِي ربيعة وقبل قدوم مُصْعَب بْن الزُّبَيْر البصرة.
قَالُوا: واتخذ المثنى بْن مخربة مسجدًا يصلي فِيهِ بأَصْحَابه، واجتمعت الشيعة فبعث إليهم القباع عباد بْن الحصين الحبطي فِي الْخَيْل فبعث المثنى رجلًا من أَصْحَابه فلقيه فهزم عباد، فبعث القباع الأحنف عَلَى خيل مضر ورجالها، فصاروا إِلَى عَبْد القيس، فخرج مَالِك بْن مسمع فِي بَكْر بْن وائل مانعا لعبد القيس مِنْهُم بالربعية لأنه كَانَ يرى رأى المثنى، وبعثت ربيعة إِلَى الأزد فأجابوهم، ورئيس الأزد يَوْمَئِذٍ زِيَاد بْن عَمْرو العتكي فكانوا يقتتلون قتالا ضعيفًا، وكلهم يهوى الصلح فكان عُمَر بْن عَبْد الرَّحْمَنِ بْن الْحَارِث بْن هِشَام المخزومي وعبد اللَّه بْن مطيع يختلفان بَيْنَ الفريقين فَقَالَ لَهُمْ عُمَر:
يا معشر بَكْر والأزد ألستم عَلَى طاعة ابْن الزُّبَيْر؟ قَالُوا: بلى غَيْر أنا نكره أَن نسلم إخواننا من عَبْد القيس، فقال ابن مطيع: قالوا لإخوانكم فليذهبوا حيث شاءوا فهم آمنون، ولا يدخلن بينكم وبين أهل مصركم فرقة، فأتى

الصفحة 416