كتاب أنساب الأشراف للبلاذري (اسم الجزء: 6)

وأضمن لكما الْجَنَّة إِذَا توفيتما» ، فلما قرأ مَالِك الكتاب ضحك وَقَالَ لزياد:
لَقَدْ أَكْثَر لنا أَخُو ثقيف، وأوسع، أعطانا الدنيا والآخرة، فضحك زِيَاد وَقَالَ: نحن لا نقاتل بالنسيئة من عجل لنا النقد قاتلنا مَعَهُ.
وَحَدَّثَنَا عَلِي بْن مُحَمَّد الْمَدَائِنِي عَنْ أَبِي إِسْمَاعِيل الهمداني عَنِ الشَّعْبِي قَالَ: جلست يوما إلي الأحنف، فَقَالَ رجل من جلسائه يا كوفي استنقذناكم من عبيدكم، يَعْنِي يَوْم قتل المختار، قُلْت قَدْ عفونا عنكم يَوْم الجمل فلم تشكروا، وأنشدته شعر أعشى همدان:
أفخرتم أَن قتلتم أعبدًا ... وكفرتم نعمة اللَّه الأجل
نحن سقناكم إليهم عنوة ... وجمعنا أمركم بَعْد الفشل
فَإِذَا فاخرتمونا فاذكروا ... مَا فعلنا بكم يَوْم الجمل
فَقَالَ: يا كوفي أنتم أَصْحَاب أنبياء، يَعْنِي المختار، قَالَ: فأجبته بجواب كرهه الأحنف وقلت: تكذبون عَلَيْنَا فِي أشياء، فقام فجاء بصحيفة صفراء فقال اقرأ آنفا فإذا فيها: «من المختار بْن أَبِي عبيد إِلَى الأحنف ومن قبله سلم أنتم، أما بَعْد فويل لربيعة ومضر. وإن الأحنف مورد قومه سقر. حِينَ لا يستطيع لَهُمُ الصدر. وإني لا أملك لكم إلا مَا خط فِي الزبر، وبلغني أنكم تكذبوني وَقَدْ كذبت الأنبياء مثلي ولست بخير من كثير» فَقَالَ الأحنف: يا شعبي أكوفي هَذَا أم بصري؟ ثُمَّ ضحك، وَقَالَ لأَصْحَابه: أحسنوا مجالسة أخيكم.

الصفحة 418