كتاب أنساب الأشراف للبلاذري (اسم الجزء: 6)
فِي طاعتي وإلا فحاربهم حَتَّى تهلكهم، وأمره أَن يستنفر الأعراب ففعل، وأقبل حَتَّى لقي ابْن ورس بالرقم [1] ، وَقَدْ عبأ ابْن ورس أَصْحَابه وأَصْحَاب عَبَّاس منقطعون عَلَى غَيْر تعبئة، فَقَالَ لَهُ عَبَّاس: ألست عَلَى طاعة عَبْد اللَّهِ بْن الزُّبَيْر؟ قَالَ: نعم، قَالَ فسر بنا إِلَى عدوه بوادي القرى، قَالَ:
نعم ولكن أريد الْمَدِينَة أولًا ثُمَّ أرى رأيي، فتركهم ابْن سهل حَتَّى نزعوا سلاحهم وشغلوا بأثقالهم، ثم قصد قصْد ابْن ورْس فِي ألف من كماة أَصْحَابه وشجعانهم، وجعل ابْن ورس يَقُول: يا شرطة اللَّه إلي قاتلوا الملحدين. أولياء الشياطين. فإنكم عَلَى الحق المبين. وَقَدْ غدر الْقَوْم وفجروا، فانتهى إِلَيْهِ عَبَّاس بْن سهل وَهُوَ يَقُول:
أنا ابْن سهل فارس غَيْر وكل ... أروع مقدام إِذَا النكس نكل
فلم يطل القتال بينهم حَتَّى قتل ابْن ورس فِي سبعين، ورفع عَبَّاس رأيه أمان لأَصْحَابه فأتوها إلّا نحوا من ثلاثمائة انصرفوا مَعَ سُلَيْمَان بْن حمير الثَّوْرِي، فظفر ابْن سهل مِنْهُم بنحو من مائتين فقتلهم، وأفلت الباقون.
فلما بلغ المختار خبر شُرَحْبِيل بْن ورس وأَصْحَابه قَالَ: إِن الفجار الأشرار. قتلوا الأخيار الأبرار. ألا وإن الفاسق النجس. القذر الرجس.
قتل ابْن ورْس. وَكَانَ أمرًا مأتيًا. وقضاء مقضيًا.
وكتب المختار إِلَى ابْن الحنفية: «إني كنت بعثت جندا ليحووا لَك البلاد، ويدوخوا الأعداء، فلما صاروا بطيبة لقيهم جند الملحد فخدعوهم وغروهم فَإِن رَأَيْت أَن ابعث إِلَى الْمَدِينَة خيلًا وجندًا كثيفًا وتبعث من قبلك
__________
[1] موضع شرق الحناكية، ويعتقد أن الحناكية هي بطن نخل، قرية من قرى المدينة على طريق البصرة. المغانم المطابة- مادتا: بطن نخل، ورقم.
الصفحة 420
459