كتاب أنساب الأشراف للبلاذري (اسم الجزء: 6)

ثُمَّ صف أَصْحَابه والحق كُل صاحب رأيه برأيته، وجلس عَلَى تل عظيم ووجه من عرف خبر الْقَوْم فقيل لَهُ إنهم عَلَى دهش، فأخبره بَعْض رسله وعيونه أَنَّهُ لقي مِنْهُم رجلا مَا لَهُ هجيرًا إلا: يا شيعة أَبِي تراب. يا شيعة المختار الكذاب، وجعل ابْن الأشتر يحرض النَّاس فَيَقُول: يا أَنْصَار الدين، يا شيعة الحق، يا شرطة اللَّه هَذَا قاتل الْحُسَيْن فَمَا الَّذِي تبقون لَهُ جدكم واجتهادكم بعده، هَذَا الَّذِي حال بَيْنَ الْحُسَيْن وبين ماء الفرات، ومنعه الذهاب فِي الأَرْض العريضة حَتَّى قتله وأهل بيته، فو الله مَا كَانَ عمل فرعون ببني إسرائيل إلا دُونَ عمل هَذَا الفاجر، وزحف الشاميون وعلى ميمنة ابْن زِيَاد الحصين بْن نمير، وعلى ميسرته عمير بْن الحباب السلمي، وعلي خيله شُرَحْبِيل بْن ذي الكلاع الحميري، ومشى ابْن زِيَاد فِي رجاله، فلما تدانى الصفان حمل حصين بْن نمير عَلَى ميسرة أهل الكوفة فقتل عَلِي بْن مَالِك الجشمي فأخذ الراية ابنه فقتل فِي رجال من أهل الحفاظ، وانهزمت ميسرة ابْن الأشتر فصير عَلَيْهَا عَبْد اللَّهِ بْن ورقاء السلولي فثابت الميسرة إِلَيْهِ، وجعل ابْن الأشتر يَقُول: يا شرطة اللَّه إلي أنا إِبْرَاهِيم بْن الأشتر، إِن خير فراركم كراركم وحملت ميمنة ابْن الأشتر عَلَى عمير بْن الحباب وأَصْحَابه فثبتوا، وَكَانَ عمير أنف من الفرار فقاتل قتالًا شديدًا، فلما رأى ابْن الأشتر ذَلِكَ قَالَ لأَصْحَابه أموا السواد الأعظم فَإِن فضضتموه لَمْ يكن للقوم ثبات بعده، ففعلوا ذَلِكَ، وتضاربوا بالسيوف وتطاعنوا بالرماح، فإبراهيم يشد بسَيْفه فلا يضرب أحدًا إلا صرعه والقوم يهربون من بَيْنَ يديه كأنهم الغنم، وجعل إِذَا حمل برأيته حمل أَصْحَابه حملة رجل واحد لا يثنيهم شَيْء، فكانوا

الصفحة 425