كتاب أنساب الأشراف للبلاذري (اسم الجزء: 6)
ووقف ينادي وا غوثاه، واغوثاه، فدخل عَلَى المصعب فأخبره بِمَا لقي النَّاس من المختار، وَهَذَا أصح من قَوْل من قَالَ إِن شبثا قتل بالكوفة، وأخبره أيضًا وجوه أهل الكوفة بِمَا نالهم وسألوه نصرتهم والمسير معهم، وقدم عَلَيْهِ مُحَمَّد بْن الأشعث وَلَمْ يكن شهد وقعة الكوفة، فاستحث المصعب بالشخوص إِلَى الكوفة، فَقَالَ: لست فاعلا حَتَّى يقدم المهلب عَلِي، وَكَانَ بفارس، فكتب إِلَيْهِ يأمره بالقدوم، فاعتل بالخراج، فَقَالَ مُحَمَّد بْن الأشعث: وجهني إِلَيْهِ آتك بِهِ، فسار مُحَمَّد حَتَّى قدم فارس فلما رآه المهلب قَالَ: يا مُحَمَّد أما وجد المصعب بريدا غيرك؟ فَقَالَ: يا أبا سَعِيد والله مَا أنا إلا بريد نسائنا وأبنائنا، فأقبل المهلب مَعَهُ فِي جموع وهيئة وعلاج لَيْسَ لأحد مثلها حَتَّى قدم البصرة، وَكَانَ المهلب أتى عَبْد اللَّهِ بْن الزُّبَيْر فكتب لَهُ عهده عَلَى خراسان فلما صار إِلَى البصرة، طلب إِلَيْهِ أهلها أَن يقاتل الخوارج وكانوا قَدْ ظهروا وأبزوا [1] عَلَيْهِم، فأقام لقتالهم فاتبعهم إِلَى فارس، فكان يحاربهم، وقدم المصعب فولاه فارس خراجها وحربها.
وحدثني أحمد بن إبراهيم الدورقي حَدَّثَنَا وهب بْن جَرِير عَنْ أَبِيهِ عَنْ صعب بْن زَيْد، وصعب عم جَرِير بْن حازم قَالَ: قدم المهلب بعهده عَلَى خراسان من قبل عَبْد اللَّهِ بْن الزُّبَيْر، وَقَدْ نزلت الحرورية بَيْنَ الجسرين بالبصرة فقتلوا وحرقوا، وغلبوا عَلَى كور الأهواز، وشاطئ دجلة فأتى الأحنف وأشراف أهل البصرة المهلب فسألوه أَن يتولى قتال الأزارقة، فَقَالَ: لست أقدر عَلَى ذَلِكَ هَذَا عهد أمير المؤمنين إليّ على خراسان،
__________
[1] ابزى: وثب، بغى. القاموس.
الصفحة 428
459