كتاب أنساب الأشراف للبلاذري (اسم الجزء: 6)

وَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ عَنْ وَهْبِ بْنِ جَرِير عَنْ أَبِيهِ عَنْ صعب بْن زَيْد قَالَ: بعث ابْن الزُّبَيْر ابنه حمزة وَكَانَ فِيهِ ضعف وحمق، فخرج إِلَى الأهواز فلما رأى جبلها قَالَ إِن هَذَا الجبل لشبيه بقعيقان فسمي لِذَلِكَ قعيقعان، قَالَ صعب: وفرغنا يوما من الخوارج ونحن بالأهواز فخرج عَلَى فرسه مطلقا برحات قبائه فكأني انظر إِلَى تكة سراويله قَدْ بدت عَلَى قربوس سرجه وَهُوَ يركض فكان وجهه إِلَى البصرة وَلَمْ يلق قتالا، وَكَانَ خليفته بالبصرة عُبَيْد اللَّهِ بْن عُبَيْدِ اللَّهِ بْن مَعْمَر وأقام بالبصرة سنة، وَكَانَ عُمَر بْن عُبَيْدِ اللَّهِ عَلَى فارس.
قَالُوا: ولما انقضى أمر يَوْم المذار أقبل المصعب نَحْو واسط القصب، وَلَمْ تكن يَوْمَئِذٍ إِنَّمَا كَانَ أحدثها الْحَجَّاج بَعْد، فأخذ فِي كسكر وحمل الضعفاء فِي السفن فخرجوا فِي نهر يقال لَهُ قوسان منه إِلَى الفرات، فكان أهل البصرة يخرجون فيجرون سفينهم ويقولون:
عودنا المصعب جر القلس ... بالزنبريات [1] الطوال الملس
ويقال: إنهم قَالُوا ذَلِكَ حِينَ شخص إِلَى الكوفة ثُمَّ إِلَى مسكن.
قَالُوا: وبلغ المختار مسيرهم فخرج حتى نزل السيلحون بالكوفة وسكر الفرات عَلَى نهر السيلحون، ونهر يُوسُف، وجعل يذكر ابْن شميط وأَصْحَابه فَيَقُول: حبذا مصارع الكرام، وبقيت سفن البصريين تجر عَلَى الطين، فلما رأوا ذَلِكَ وجهوا خيلا إِلَى السكر فكسروه وصمدوا صمد الكوفة، فلما رأى المختار ذَلِكَ أقبل حَتَّى نزل حروراء وحال بينهم وبين
__________
[1] الزنبري: الضخم من السفن. القاموس.

الصفحة 436