كتاب أنساب الأشراف للبلاذري (اسم الجزء: 6)

وَكَانَ المصعب قَالَ: اقتلوا الموالي واعفوا عمن كَانَ صليبة مَعَ المختار، فقام ابْن الأَصْبَهَانِي وابن الإسكاف، صاحب الدار بالبصرة فقالا: مَا هَذَا بحكم الإِسْلام، فقتل الجميع.
قَالُوا: وبعث المصعب إِلَى أم ثابت بنت سمرة بْن جندب الفزاري، وعمرة بنت النعمان بْن بشير الأَنْصَارِي، امرأتي المختار، فأحضرتا فَقَالَ لهما مَا تقولان فِي المختار؟ فأما أم ثابت فَقَالَتْ: مَا عسينا أَن نقول فِيهِ إلا مثل مَا تَقُولُونَ من الكذب وادعاء الباطل فخلى سبيلها، وَقَالَتْ عمرة: مَا علمته رحمه اللَّه إلا مسلما من عباد اللَّه الصالحين، فحبسها المصعب فِي السجن، وكتب إِلَى عَبْد اللَّهِ بْن الزُّبَيْر: «إنها تزعم أَنَّهُ نبي» فكتب إِلَيْهِ أَن أخرجها فاقتلها، فأخرجها إِلَى مَا بَيْنَ الحيرة والكوفة بَعْد العشاء الآخرة، فأمر بِهَا رجلا من الشرط يقال لَهُ مطر، فضربها بالسَيْف ثَلاث ضربات، وَهِيَ تقول: يا أبتاه، يا أهلاه، يا عشيرتاه، فرفع رجل يده فلطم مطرا وقال:
يا بن الزانية عذبتها فقطعت نفسها ثُمَّ تشحطت وماتت، وتعلق مطر بالرجل فأتى بِهِ مصعبا فَقَالَ: خلوه رأى أمرًا عظيما فظيعًا، وَكَانَ لقب مطر هَذَا تابعه.
فَقَالَ عَبْد اللَّهِ بْن الزُّبَيْر الأسدي، ويقال عُمَر بْن أَبِي ربيعة:
إِن من أعجب العجائب عندي ... قتل بيضاء حرة عطبول
قتلوها ظلما عَلَى غَيْر ذنب ... إِن لِلَّهِ درها من قتيل
كتب القتل والقتال علينا ... وعلى المحصنات جرّ الذيول [1]
__________
[1] ديوان عمر بن أبي ربيعة ص 498 مع فوارق.

الصفحة 443